بقلم: ذ. خديجة الشنتوف /بروكسل
الأيام العشرة الأخيرة وليالي رمضان تحتل مكانة خاصة في قلوب المؤمنين. إنها فترة مواتية للتأمل الذاتي، التجديد الروحي، وتعميق العبادة. من خلال الغوص في حكمة آيات القرآن، يمكننا تحويل حياتنا بطريقة عميقة ودائمة خلال هذه الأيام المباركة.
الصيام، بعيداً عن الامتناع عن الطعام والشراب، هو ممارسة تعلمنا الصبر، الصمود، والتعاطف. يقول الله في القرآن: “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون.” (القرآن 2:183). هذه الانضباط الروحي يدفعنا للتفكير في غاية وجودنا وللتقرب من الله من خلال الاعتراف بتبعيتنا وضعفنا.
الصلوات، وخاصة صلاة الفجر، هي لحظات أساسية للاتصال بالخالق، مبتدئين اليوم بتواصل روحي. قال النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): “صلاة الفجر هي مشهودة.” (مسلم). أداء صلاة الفجر في وقتها هو دليل على إيماننا والتزامنا تجاه الله، مما يجلب السلام والاستقرار لحياتنا.
كما أن هذه الأيام العشرة هي أيضاً وقت لتكثيف دعواتنا وأعمالنا الخيرية، ساعين للوصول إلى ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر. “إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر؟ ليلة القدر خير من ألف شهر.” (القرآن 97:1-3). إنها فترة حيث كل فعل، كل صلاة، وكل كلمة من القرآن تتلى بصدق يمكن أن تحول مصيرنا.
بعيش هذه الأيام بنية صافية وجعل كل عمل صلاة، وكل فكر تأمل في آيات القرآن، ندعو نور الله إلى حياتنا. جعل صلواتنا عبادة كاملة، حيث كل خلية في أجسادنا وأرواحنا تشارك في الدعاء، يتيح لنا تجربة عظمة الله بكل قربه وجلاله.
إنه في التزام قلوبنا، شدة إيماننا، وعمق تفانينا نجد الجوهر الحقيقي لرمضان. بتطهيرنا من خلال الصيام، وترفعنا من خلال الصلاة، وعيشنا وفقًا لتعاليم القرآن، نفتح حياتنا للبركات اللامتناهية من الله.
رمضان هو تذكير بأن الله عظيم، موجود في كل مكان وكل شيء. العيش مع القرآن يعني العيش مع الهداية الإلهية في كل لحظة، تحويل يومياتنا إلى مسار نحو السلام الداخلي، الرضا الروحي، والنور الأبدي.