في الذكرى 20 لميلاده.. تعرف على هوايات ولي العهد وأنديته المفضلة ومساره الأكاديمي..
منذ نعومة أظافره وولي العهد الأمير مولاي الحسن، الذي يحتفي بعيد ميلاه كل 8 ماي، يعيش داخل البلاط الملكي في كنف والده الملك محمد السادس وهو يتلقى ثقافة وبروتوكول الملوك، متأهبا لأن يصبح عاهلا للبلاد وأميرا للمؤمنين، وقد عايش أحداثا وتفاصيل نسرد جزء منها في هذا التقرير.
“لم نر أميرا في سنه يعامل الملوك والرؤساء بهذه الراحة”، بهذه العبارات وصفت صحيفة “الإسبانيول” ولي العهد، الأمير مولاي الحسن، وهي تسلط الضوء على الملك المقبل للمغرب.
مسار دراسي مغاير عن الملوك العلويين
ولج ولي العهد، الأمير مولاي الحسن، المدرسة المولوية سنة 2008 وهو في الخامسة من عمره، حيث انطلق أول فصل خاص به في ظل نظام تعليمي صارم، يمزج بين التكوين العلمي والأدبي والتاريخي والديني، أسس له جده الأكبر محمد الخامس وتخرج فيه كل من الحسن الثاني ومحمد السادس.
بعد حصوله على شهادة الباكالوريا الدولية في شعبة العلوم الاقتصادية والاجتماعية شهر يوليوز من سنة 2020، خالف مولاي الحسن، كل التوقعات حول مستقبل مساره الدراسي عندما فاجأ الجميع بالتحاقه رسمياً بكلية الحكامة والعلوم الاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة محمد السادس المتعددة التخصصات التقنية في مدينة بنجرير، وهو اختيار مغاير للمسار الدراسي لكل من والده الملك محمد السادس وجده الملك الراحل الحسن الثاني اللذين توجها إلى القانون.
تأخر أمر الكشف عن المسار الأكاديمي الذي سيتبعه الملك المستقبلي للمغرب إلى بداية العام الدراسي بالجامعات المغربية، حيث تم الإعلان الرسمي في 15 أكتوبر 2020 عن التحاقه بكلية الحكامة والعلوم الاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات.
و”تعد جامعة محمـد السادس متعددة التخصصات التقنية، بمثابة مدينة للمعرفة موجهة لخدمة الابتكار، حيث توفر بيئة استثنائية، وهي مخصصة للتدريب العالي والتميز من أجل خدمة إفريقيا والعالم، ويتمثل طموح الجامعة في تعبئة أفضل الباحثين ومنحهم بنيات تحتية مطابقة للمعايير الدولية من أجل مواجهة التحديات العالمية، بدءا من التنمية الاقتصادية ومرورا بالأمن الغذائي ووصولا إلى التصنيع المستدام”، وفق ما جاء في الموقع الرسمي للمؤسسة.
مشروع ملك
تغيرت نظرة المغاربة للأمير مولاي الحسن منذ بضع سنوات، حيث لم يعد ذلك الأمير الصغير الذي يرافق والده في الأنشطة الملكية قصد الاستئناس، بل فرض في السنوات القليلة الماضية حضوره في عدد من الأنشطة التي يترأسها بمفرده، فضلا عن تمثيله للملك محمد السادس في لقاء الملوك والرؤساء سواء داخل الوطن أو خارجه.
في شهر يونيو من سنة 2009، سمع المغاربة للمرة الأولى الأمير الصغير وهو يلقي خطابًا بين يدي والده، بمناسبة حفل نهاية السنة الدراسية بالمدرسة الأميرية بالقصر الملكي في الرباط، كما استعرض مولاي الحسن خلال حفل نهاية السنة الدراسية لموسم 2011/2012 مهاراته الفنية، حينما قدم رفقة زملائه عرضا باللغة العربية بعنوان “عائد شهير”، وعرض “حديقة الكلمات” باللغة الفرنسية، إضافة لعرض فني باللغة الإسبانية بعنوان “رحلة إلى إسبانيا”، أظهر فيها مولاي الحسن قدرته الكبيرة على الارتجال والإلقاء أمام حشد من الجماهير.
وقبل ذلك، تابع المغاربة قيام الأمير مولاي الحسن بزيارة ملتقى الفرس في الجديدة في دورته الأولى، وطاف خلال هذه الزيارة رفقة أصدقائه بالمدرسة الأميرية بعض فضاءات وأروقة الملتقى، منها فضاء منتجات الصناعة التقليدية الخاصة بالفرس وفضاء قرية المربين، كما زار فضاء الاستكشافات الذي يوظف التقنيات والوسائل المسموعة والمرئية، كما تابع الأمير الصغير مسابقة في القفز على الحواجز خاصة بفئة الصغار، وعروضًا فنية واستعراضية في فضاء العروض والمسابقات.
فرض ولي العهد حضوره بامتياز في عدد من الأنشطة الملكية، أبرز خلالها شخصيته القوية في التعامل مع ملوك وأمراء ورؤساء الدول من مختلف دول العالم، الأمر الذي جذب إليه انتباه كبريات الصحف العالمية، التي ظلت ترصد وتحلل تحركاته.
ومن الأنشطة الثقافية والدينية والرياضية والاجتماعية والبيئية والتنموية التي شارك فيها مولاي الحسن، مرافقته لوالده الملك خلال زيارته الرسمية لتونس في نهاية ماي 2015، وحصوله من الرئيس التونسي آنذاك، المنصف المرزوقي، على وسام الحمالة الكبرى الخاصة بالجمهورية، وهو أول وسام يحصل عليه الأمير الصغير.
شغفٌ بالطيران
تطرقت صحيفة “إلباييس” إلى الميولات العلمية والرياضية لمولاي الحسن، حيث أنهى دراسته بالمدرسة الملكية الجوية بمدينة مراكش، التي تلقى فيها دروسا نظرية وتطبيقية، مشيرة إلى أن الهدف من ذلك التكوين لا يتمثل في الرغبة في التخصص في الطيران، بقدر ما يسعى الملك المقبل للمغرب إلى تكوين شخصيته وإشباع شغفه.
كما سبق لمجلة “South China Morning Post” الصينية، أن كشفت أن مولاي الحسن لم يتخل عن شغفه وحبه للطيران، حيث يملك طائرة خاصة من نوع Gulfstream G650، يستعملها في تنقلاته الدولية بين مناطق العالم، تبلغ قيمتها المالية، حسب الصحيفة ذاتها، حوالي 68 مليون دولار أمريكي، مشيرة إلى أن هذه الطائرة الخاصة مزودة بصواريخ دفاع إسرائيلية الصنع تبلغ قيمتها 20 مليون دولار.
وأضافت المجلة الصينية أن هذه الطائرة يقال عنها إنها واحدة من أغلى وأقوى طائرات الشخصيات المهمة المتوفرة حاليا في العالم، وتدعى رخصة قيادتها “CN-AMH”، كما يمكنها التحليق لـ 14000 كيلومتر دون توقف، ونقل ثمانية ركاب وأربعة من أفراد الطاقم.
الارتباط بالعائلة الملكية
نقلت عدد من وسائل الإعلام الدولية أخبارا حول مدى ارتباط الأمير مولاي الحسن بالعائلة الملكية، حيث يفضل قضاء وقت أطول مع أسرته، إذ قضى مع والدته وأخته، الأميرة للا خديجة، وقتا ممتعا في يوليوز من سنة 2019 خلال رحلة إلى جزيرة سكياثوس اليونانية، استأجروا يختًا فاخرًا يدعى Serenity، يكلف 550 ألف يورو في الأسبوع.
من جانبها، أكدت الصحيفة الإسبانية “إلباييس” أن العلاقة بين الملك محمد السادس وولي العهد مولاي الحسن تتميز بالتقارب أكثر مما كانت عليه علاقة الملك محمد السادس مع والده الراحل الحسن الثاني.
وأشارت المجلة الصينية “South China Morning Post” إلى أن مولاي الحسن يعمل عن كثب مع والده للتأكد من أن المغرب مكان يسوده السلام، مستحضرة في هذا الصدد الترحيب الحار للأمير الصغير في عام 2017 بزيارة الأطفال الفلسطينيين، مع تعريفهم بالثقافة المغربية.
من جانبها، قالت مجلة “جون أفريك” إن العلاقة بين الملك وولي عهده مقربة للغاية، مستحضرة هي الأخرى العناق والقبلات ومظاهر مليئة بالحنان، و”صور السيلفي” غير الرسمية، مضيفة أن محمد السادس ليس بخيلًا في إظهار المودة مع ابنه، وهو حريص على إظهار أنه قبل كل شيء أب مثل الآخرين، وهذا يختلف عن والده الحسن الثاني، تضيف المجلة.
هوايات ولغات متعددة
يهوى الأمير مولاي الحسن كرة السلة، وكرة القدم، والسباحة، والتزلج على الجليد، ويعشق فريق برشلونة الإسباني، في وقت يعتبر فيه ميسي لاعبه المفضل، حيث ذكرت صحيفة “إلموندو” الإسبانية أن الأمير يتابع أغلب مباريات الفريق الكتالوني.
يجيد الأمير مولاي الحسن التحدث بثلاث لغات، إضافة للغته الأم العربية، حيث يتقن الأمير كل من اللغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية، ويتواصل بها بسهولة، وقد ظهر في عدد من مقاطع الفيديو وهو يتحدث، في مناسبات مختلفة، بهذه اللغات، مع ملوك وأمراء ورؤساء دول.
وعلى الصعيد المحلي، وفي الوقت الذي ظهر والده متيما بحب الوداد الرياضي، فإن ولي العهد يشجع نادي الرجاء الرياضي، حيث سبق للمدرب الأسبق للنسور، التونسي لسعد الشابي، أن صرح بأن “ولي العهد يحب الرجاء، وكان يرغب في رؤية لاعبه المفضل محسن متولي يلعب مرة أخرى في الفريق الأخضر، وبالتحديد في نهائي كأس الكونفدرالية أمام شبيبة القبائل سنة 2021″، كما سبق أن حضر رفقة والده في نهائي كأس العالم للأندية سنة 2013، بين الرجاء وبايرن ميونيخ الألماني.
وحسب صحيفة ”إلباييس” فقد تسببت مباراة في كرة القدم في إصابته بكسر على مستوى الساق، وذلك عندما كان يبلغ من العمر 7 سنوات فقط. كما ظهر أيضا في عدد من الصور، رفقة والدته، وهم يمارسون رياضة ركوب الأمواج خلال أحد عطلهم الخاصة على شاطئ مدينة الداخلة بالصحراء المغربية.
وتعتبر السينما والمسرح ومشاهدة الأفلام من الهوايات المفضلة لولي العهد الأمير مولاي الحسن، وسبق أن شاهد أزيد من خمسة أفلام بسينما النهضة في قلب العاصمة الرباط رفقة زملائه، حيث كان يرافقه العديد من الطلاب في سنه، من طبقات اجتماعية مختلفة ومن مدارس ثانوية مختلفة.
كما عُرف عن مولاي الحسن شغفه الكبير بالألعاب الإلكترونية وحبه الكبير للأسماك وللحيوانات خصوصًا المفترسة كالأسود والنمور.
أمير متواضع
يتسم مولاي الحسن بخصال التواضع والبساطة، حيث قام الأمير قبل سنوات قليلة، مثل أي مواطن مغربي، بالوقوف أمام محل معروف لبيع المثلجات بالدار البيضاء وانتظر في الطابور لتقديم طلبه، وهو موقفٌ أعجب الحاضرين بتبني الأمير سلوك المواطنة الصالحة.
كما نوهت صحيفة “إلموندو” بالنضج الذي ظهر به الأمير مولاي الحسن رغم صغر سنه، مشيرة إلى أنه “جاد وصارم” في أغلب الأحيان، مشيدة بقدرة ولي العهد على التواصل مع قادة العالم، وقالت الصحيفة “نادرا ما رأينا صبيا يعامل الملوك ورؤساء الدول بمثل هذه الشجاعة والراحة”.