الصحافي أمين يكتب ..مغاربة العالم بهولندا يرسمون أحلى ابتسامة على وجه غزة المنكوبة

الصحافي أمين بوشعيب / إيطاليا

ما حدث في أمستردام الهولندية ليلة الخميس 7 نوفمبر 2024، كان حدثا بارزا، ودرسا حقيقيا في التضامن مع فلسطين الأبية، تناقلت مشاهده وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح حيث الرأي العالمي. حيث مغاربة العالم بهولندا بتأديب مشجعي فريق “مكابي تل أبيب” بعد الفوضى التي أثاروها، ورددوا خلالها شعارات عنصرية ضد الفلسطينيين والعرب، وشتائم موجهة لأطفال غزة، وذلك عقب هزيمة فريقهم هزيمة نكراء (5 مقابل 0) أمام “نادي أياكس أمستردام” الهولندي ضمن الدوري الأوروبي.                                                                                                                                                          التفاعل مع هذا الحدث البارز كان مختلفا وأخذ أبعادا متعددة، فالفلسطينيون كانوا أشدّ الناس فرحا وأكثر إشادة بما قام به إخوانهم المغاربة، وشكروهم على الفرح الذي رسموه على وجوههم، وجعلوا غزة تبتسم في تلك الليلة الغراء، في موقف لن ينسى، كما قال كل من نشر فرحته على مواقع التواصل الاجتماعي.                                                                                                                                                       لكن المتصهينون وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم يروا في المشهد كلّه سوى الهجمات على مشجعي كرة القدم الإسرائيليين، وقاموا بإدانتها، وتناسوا من تسبّب في تلك الأحداث. بل هناك من ذهب إلى أن أعمال العنف ضد مشجعي النادي الإسرائيلي “كانت مدبرة” من قبل حركة حماس، كاشفا عن أسماء بعض المتورطين بأعمال العنف والذي قال انهم مرتبطون بحماس، ووصف ما حدث في أمستردام بـ”المجزرة”.  وعلى إثر بايدن سار بعض المتصهينين العرب، الذين رددوا الرواية الصهيونية.                                                                                                                                                                      وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، وفور وقوع المواجهات توجه إلى أمستردام لغرض “زيارة دبلوماسية عاجلة” فيما أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي النتن ياهو، بإرسال طائرتين إنقاذ على الفور لمساعدة المواطنين الإسرائيليين هناك، بعد أن أدان ما وصفه بـ”الاعتداء المعادي للسامية”، معتبرا  أن ذلك يشكل خطراً على  دولة الاحتلال الإسرائيلي وهولندا على السواء.
وأما حكومة عزيز أخنوش المغربية، فلا هي في العير ولا في النفير، لم نسمع لها ركزا، ولم نر لها ولو بيانا مقتضبا تساند فيه أفراد الجالية المغربية، الذين دافعوا على شرف الأمة، وكأن هؤلاء ليسوا مغاربة، ولا غرابة في ذلك، فما مغاربة العالم بالنسبة لهذه الحكومة، سوى بقرة حلوب، تستخلص منهم العملة الصعبة، وتستحوذ على مدخراتهم عن طريق إغرائهم بالاستثمار في المغرب.                                                                                                                                 وبالمقابل لا بد من أن نوجه تحية إجلال وإكبار للدكتورة نبيلة منيب، على صدعها بالحق من داخل البرلمان المغربي، وثنائها على مغاربة العالم بهولندا والتي طالبت في نفس الوقت الدولة المغربية بإلغاء كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب. والشكر موصول أيضا لكل برلماني مغربي ولكل من ساند الأفعال التي قام بها أولئك الأبطال نصرة لإخوانهم في فلسطين.                                                                                  لقد حاول الاحتلال الإسرائيلي ومعه بعض وسائل الإعلام الصهيونية استغلال هذه الأحداث، وشيطنة هذا الفعل التضامني مع فلسطين الذي أسداه مغاربة هولندا للقضية الفلسطينية، لكن مع وجود منصات التواصل الاجتماعي، التي عملت على نشر الحقيقة، فقد باءت تلك الدعايات الكاذبة والمحرّضة بالفشل، ولم تستطع خداع الرأي العالمي فانقلب السحر على الساحر. لأن الحقيقة كانت أواضح وأقوى. وبقوتها اخترقت كل وسائل الخداع الإسرائيلية والاستعمارية، فالرواية الإسرائيلية هي رواية شيطانية نُسجت عن طريق الخداع والكذب المستمر لشيطنة الطرف الآخر “العربي والمسلم، وليس الفلسطيني فقط”.                                                                                                                                           ولقد كان للجالية المغربية بهولندا كلمتها، حيث أدانت بشدة ما قامت به الجماهير الإسرائيلية من أعمال شغب وعنف وخطابات عنصرية تجاه سكان المدينة، وبهذا الصدد يقول أحد ممثلي الجالية إنّ: “التضامن مع غزة من قلب هولندا يعكس وعيا متزايدا بالقضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال، وهو جزء من موجة دعم عالمية، أصبحت أكثر وضوحا مع مرور الوقت”.                                                            وفي سياق مرتبط، أعلنت سكرتيرة الدولة للشؤون المالية، نورا أشهبار المغربية، استقالتها احتجاجا على ما وصفته بـ”عدم الرضا عن النقاشات داخل الحكومة الهولندية حول أحداث العنف التي اندلعت خلال مباراة كرة القدم بين فريقي آياكس ومكابي تل أبيب. وانتقدت أشهبار بشدة تصريحات اعتبرتها عنصرية من قبل زملائها في الحكومة.                                                                                          لقد انقلب السحر على الساحر، فرأينا نزول الهولنديين في أمستردام، يجددون تضامنهم مع فلسطين ويهتفون لحريتها، في مشاهد استثنائية ورائعة حيث العلم الفلسطيني يزين الطرقات والشوارع وشرفات المنازل رداً على محاولات الاحتلال الاستفادة من أحداث أمستردام.      ورأينا مشهد آخر، صانع محتوى هولندي يأخذ الناس في جولة حول الفوضى التي تسبب بها المشجعون الإسرائيليون في أمستردام، قاطعاً الطريق على الإعلام الإسرائيلي أن يستثمر فيما جرى وكان أجمل ما في المشهد أن ختمه بطريقة إبداعية رائعة حيث سمعنا  عبارة   Free Palestine ، تردّد على لسان أحد مثيري الشغب الصهاينة الذي رمى نفسه في النهر من الخوف. وعلق صانع المحتوى عليها بالكتابة العربية “ لا تنسى: فلسطين حرة”                                                                                                                                                 ورأينا كذلك النائب الفرنسي الحرّ داخل البرلمان الفرنسي يمسح الأرض بالرئيس ماكرون وحكومته بسبب سماحها بتنظيم مباراة بين منتخب الاحتلال ومنتخب فرنسا، محذرا من سيناريو أمستردام موجها إليه الخطاب: “عندما تصفقون يوم الخميس في المباراة تذكروا أنكم تصفقون لمن دمر كل شيء في غزة بما فيها ملاعب كرة القدم”
فلاش: قبل أحداث أمستردام التي تناولناها في هذه المقالة، تداول رواد التواصل الاجتماعي على نطاق واسع فيديو لأحد الصحفيين الإسبان يشيد فيه بالجالية المغربية المقيمة في إسبانيا على انخراطهم الكبير في حملة تضامنية مع المتضررين من الفيضانات الكارثية التي ضربت شرق إسبانيا بداية هذا الشهر، حيث قال: “المسلمون المغاربة هم أول من قام بتوزيع المساعدات الغذائية على القرى في فالنسيا، حيث أطلقوا النداء من المساجد في الفجر، ونزلوا مع شيوخهم وأطفالهم ونسائهم ورجالهم لتوزيع المساعدات”. وأكد نفس المتحدث أن المغاربة شرعوا في مهمة البحث عن المفقودين، قبل أن يستيقظ الضمير الإسباني ليبدأ بدوره في تقليد المغاربة.” وختم بالقول: “إنهم شعب مميز، وتجمعهم علاقة قوية مع الأندلس وإسبانيا بشكل عام. شكرًا للمغاربة، أنتم نموذج حقيقي في التضامن”. 

لكني شخصيا أعتبر أن ما قام به أفراد الجالية المغربية في هولندا ما هو إلا تعبير عن حكاية عشق بلا حدود لأرض الإسراء والمعراج، حكاية امتدت عبر التاريخ، وتوارثها الأحفاد عن الأجداد. وهو أيضا تعبير عن رفضهم لكل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب.                     فكل المغاربة سواء في المغرب أو في بلد الإقامة، يعشقون فلسطين ويعتبرونها قضيتهم الأولى. ولن يتنازلوا عنها مهما كان الثمن.         كم أنتم رائعون يا مغاربة العالم، أنتم خير سفير للمغرب رفعتم رأسنا عاليا… وأما حكومتنا “الموقرة” فهي لا تزال سادرة في غيّها بارتكابها لجريمة التطبيع، فلا نامت أعين الجبناء. لكن لا تنسوْا: فلسطين حرة”.

مغرب العالم: جريدة إلكترونية بلجيكية -مغربية مستقلة