لا تجد جزائريا إلاّ وسمع عن مقبرة بضواحي الجزائر العاصمة اسمها “مقبرة العالية” هذه المقبرة التي أخذت شهرة واسعة بين مختلف فئات الشعب الجزائري، وهي المقبرة التي حوّت جواثم شخصيات ورؤساء وزعماء ومواطنين، وأصبحت أشهر مقبرة في الجزائر على مرّ السنوات الماضية.
غير أنّ التهميش في كتب التاريخ طال المرأة التي وهبت حياتها لخدمة الفقراء واليتامى، والتي وهبت قطعة الأرض المتواجدة حاليا في العاصمة كمقبرة لدفن الموتى المسلمين في العهد الاستعماري، والتي سمّيت المقبرة باسمها العالية ، والتي أضحت اليوم المقبرة الرسمية التي يدفن فيها العامة بجوار الزعماء والرؤساء الجزائريين.
وتعتبر هذه المرأة النايلية، واسمها الحقيقي عالية حمزة، من النساء اللواتي سخّرن ثروتهن لخدمة الفقراء والمحتاجين في الفترة ما بين 1891 إلى غاية 1932.
“عالية حمزة”، المرأة التي امتلكت ثروة طائلة، استغلت كثير منها في خدمة الفقراء ومساعدة المحتاجين، بقيت طيلة السنوات الماضية مجهولة لدى كثير من الجزائريين الذين لا يعرفون عنها سوى اسمها، وبقي هذا الاسم “العالية” يتردد في مسامع الجميع ويذكر أمام أسماء شخصيات وزعماء ورؤساء، فكلما ودعت الجزائر شخصية تاريخية من الشخصيات التي صنعت تاريخها، إلاّ وذكرت معها “العالية”.
من هي العالية حمزة؟ :
العالية حمزة هي امرأة صالحة وزاهدة جزائرية نايلية (من قبيلة أولاد نايل) ولدت عام 1886 بمنطقة سور الغزلان ولاية البويرة وهي ابنة لأبوين ثريين جدا هما محمد بوترعة وفاطمة شعبان وكانت تعرف بثرائها الكبير وعملها للخير وكفالتها للأيتام.
وكان لها أخ وحيد يسمى عيسى وأخت وحيدة تسمى حبارى وعند وفاة والدهم اقتسموا ثروته، وعملت هي في مجال التجارة لتتوسع ثروتها وتملك آلاف الهكتارات من الأراضي في العاصمة ومنطقتها وبوسعادة و الجلفة وغيرها . إلى جانب عملها كمسؤولة في مدرسة لتدريس البنات في سيدي عيسى المجاورة لمنطقتها أنشأتها بمالها الخاص قصد تدريس وكفالة البنات اليتيمات .
تزوجت العالية من مدرس من بوسعادة إسمه كرميش محمد كان يشتغل في العاصمة بتدريس اللغة العربية ولم تنجب في حياتها حيث كانت عاقرا.
كانت ثروتها تعد بالمليارات وكانت لها أراض واسعة في منطقتها وفي العاصمة الجزائر وفي سيدي عيسى وعين بسام.
كانت تلبس كل أنواع الحلي حتى أنها عندما تدخل الأعراس تخطف الأنظار من جميع الحضور وعند المواسم تقيم الولائم والذبائح للفقراء والمساكين وتكسيهم وتطعمهم وكانت تحظى باحترام جميع الناس وكلهم يثنون على فضلها وأخلاقها وكرمها. وكان بيتها مقصدا لكل من لا مأوى ولا مسكن ولا مطعم له.
قامت العالية بمنح قطعة أرض إلى السلطات الفرنسية عام 1930 بغرض جعلها مقبرة لدفن الموتى المسلمين مجانا وطلبت منهم أن يكتبوها باسمها والذي ما زالت تحتفظ به إلى اليوم وهذا بعد رجوعها من الحج الذي فقدت فيه والدتها هناك.
تقول الروايات أنها ماتت مسمومة عام 1932 من ذوي أهلها الذين دسو لها السم من أجل السيطرة على أملاكها الطائلة ودفنت في مسقط رأسها بسور الغزلان وكتب على قبرها «الولية الصالحة العالية حمزة» ، ولا أحد يعرف عن حجم أملاكها وأين ذهبت ومن قام بالاستحواذ عليها وهذا الأمر بقي سرا إلى اليوم.
زعماءجزائريون دفنوا في مقبرة العالية:
تضم هذه المقبرة جواثم رؤساء الجزائر منهم هواري بومدين، أحمد بن بلة، الشاذلي بن جديد ، وعلي كافي .. وغيرهم كثير .
كما كانت هذه المقبرة محجّا لكبار الشخصيات السياسية الجزائرية والعربية والعالمية، حيث تشهد حضور رؤساء وزعماء العرب والعالم كلما حلّت مناسبة أليمة بفقدان شخصية تاريخية أو سياسية .