الصحافي فؤاد السعدي
نستطيع القول أنّ المبادئ السامية والقيم العليا تشهد في زمننا هذا تراجعاً ملحوظا، مع وجود واقع سياسي يتجه نحو الانحطاط والتردّي، الأمر الذي يستدعي معه استحضار الوازع الأخلاقي من أجل تقويم الاعوجاج وتوضيح ما إلتبس على عموم المواطنين، وتنظيف ما أصاب بعض الضمائر من عفن الخداع والمكر والدسائس.
في مقالنا هذا، سنحاول باقتضاب الوقوف عند مفهوم الخداع السياسي من خلال تسليط الضوء على بعض المنتخبين الجماعيين الذي ظهر فيهم العجب العجاب. وهذا ليس للتسقيط أو التعريض بهم، بل لأن الواقع السياسي الذي أنتجته انتخابات الثامن من شتنبر شاهد حي على ما يجري بمختلف الجماعات الترابية، وكيف أن الناخبين ذاقوا الأمرين وتجرعوا مرارة العلقم من منتخبين لا همَّ لهم سوى تحقيق مكاسب شخصية ولو على حساب المصلحة العامة.
فقد تعود هؤلاء على ممارسة المكر والخداع والاصطياد في الماء العكر، ببث الفتنة بين مكونات المجلس تارة، باستخدام الدسائس كأسلوب في التعامل مع زملائهم، حتى باتت كل وعودهم مزيفة، وخطابهم مكشوف ومجمل عهودهم سراب ومضمون أحاديثهم خداع ونفاق وبؤس وتدليس.
لقد ألفوا الركوب على الأحداث وتصدّر المشهد السياسي، هم عبادٌ قد مُلِئت أنفسهم بالحقد حتى صار مستوى طَمَعهم يفوق قدراتهم، يرتدون لباس النضال ويزحفون تحت النعال، يَدّعون حب الأوطان ويكيدون لها خدمة للشيطان، هَمُّهم تسويد كل ما يرمز إلى البلاد وغايتهم تضليل العباد. ولمّا كان عدم الحياء طَبعَهم، وتكدُّسُ الأحقاد داؤهم، امتهنوا باسم معركة الوعي مهنة إبليس الذي أضلَّ نبي الله آدم زعما أنّه يدلُّه على شجرة الخلد والملك الذي لا يبلى.
فأين هؤلاء من ذلك المنتخب الذي يتمتع بكافة الأوصاف الناجحة التي تكون له بمثابة المنهاج الأمثل في نيل رضا الناخبين، ويخرج بعد انتهاء ولايته الجماعية من أوسع أبواب التاريخ، مخلفا وراءه سيرة طيبة صالحة تكون محط تنويه لمن سيأتي بعده، كيف لا وهو من يعتمد في تعامله من الناس على تحري الصدق والاستقامة وإظهار ما يبطن وليس العكس. هو وصف موجز لمنتخبين ابتلي المشهد السياسي بهم، فأين المفر من هؤلاء؟