الصحافي/ فؤاد السعدي
“لي فيه الفز كيقفز” مثل مغربي فيه تدليل على انتفاء عناصر الإتزان والثبات اتجاه أية ردة فعل، تماما كما وقع مع جمعية اتحاد المنعشين العقاريين بطنجة التي أصدرت بلاغا تنفي فيه أي علاقة لها بحملة الانتقادات التي طالت المقاربة التي ينهجها الوالي التازي في تدبير الشأن العام المحلي وتعتبر المشاكل والاختلالات المرتبطة بقطاع التعمير على وجه التحديد بالمدينة أولولية يفترض على ممثل صاحب الجلالة أن يعتكف على حلها وتذويب كل العراقيل المرتبطة بها. وأن منطق “ماشي اختصاصي” الذي ينهجه التازي يتعارض مع توجيهات جلالة الملك لتعزيز مسار اللامركزية عبر إعطاء دفعة قوية لعمل الإدارة على المستوى الترابي والرفع من فعاليتها ومردوديتها.
خروج جمعية اتحاد المنعشين العقاريين بطنحة لتبرئة ذمة أعضائها هو إقرار بالإنبطاح وإذعان بئيس لدفع الذنب عنها مما اقترفته أقلام رجال السلطة الرابعة، وتبرير صريح بالولاء لمؤسسة الوالي في محاولة لاستمالتها للتغاضي عن مجازر عمرانية يعرفها سوق العقار الذي أصبح يدر على أصحابه من منعشين ملايير السنتيمات خارج كل قواعد المتابعة والمراقبة واحترام معايير البناء ودفتر التحملات.
ففي الوقت الذي كنا ننتظر تحركا فعليا من ممثل صاحب الجلالة لحلحلة عدد من الملفات الحارقة، وتحريك عجلة التنمية بالمدينة ردا على انتقادات الصحافة، طلعت علينا جمعية اتحاد المنعشين العقاريين في إطار “كاري حنكو” ببلاغ مدفوع الثمن وتحت الطلب في محاولة لتلميع صورة الوالي مع تهريب النقاش بخصوص ما تشهده مدينة طنجة خلال السنوات القليلة الماضية، من تناسل كبير لهدم بنايات وتشييد أخرى جديدة بدون تصاميم تراعى فيه الجمالية الشهد العام للمدينة، ولا معايير السلامة، ولا حتى دفتر التحملات، حيث أن أغلب البنايات يتم بناؤها بشكل فوضوي، وهو ما يظهر جليا عند رؤية الأوراش المفتوحة في أهم الشوارع بالمدينة. هذا دون الحديث عن سعر المتر المربع الذي وصل الى 30 ألف درهم وسط المدينة، ما يُدخل سوق العقار بطنجة إلى خانة شبهة تبييض الأموال “القذرة”، مع العلم أن جزءا كبيرا من هذه القيمة تدفع “نوار” أي تحت الطاولة ما يجعل المنعشين العقاريين يحصدون ملايير السنتيمات من أرباح غير معلنة لمصالح الضرائب في سوق أصبح يصعب على الطبقة المتوسطة شراء شقة وسط المدينة أو حتى في ضواحيها القريبة، كما أصبح من شبه المستحيل تحصيل محل تجاري بالنسبة للمستثمرين الصغار.
وبجولة صغيرة في أهم شوارع وسط مدينة طنجة، يتضح جليا أن المجلس الجماعي وقسم التعمير بالولاية يتغاضى على الكثير من الخروقات في تتبع التراخيص وتحجيم فوضى البناء، حيث تحتل العديد من أوراش البناء مساحات كبيرة من الشوارع الرئيسية وسط المدينة بدون تدخل لا للمجلس الجماعي ولا للسلطات المعنية في فوضى تجعل مدينة طنجة خارج سياق القانون. بالإضافة إلى أن أغلب العمارات المبنية خلال السنوات الخمس الأخير تفتقد للجودة والسلامة في معايير البناء. فهل سيفتح الخروج الغير موفق لجمعية اتحاد المنعشين العقاريين ملفات خروقات التعمير التي ظلت طي النسيان؟ هل تنجح خطة دفاع الجمعية على الوالي لاستمالته للسكوت على عدد من مظاهر الاختلالات في مجال التعمير؟
اليوم بدل أن تنصب جمعية اتحاد المنعشين العقاريين نفسها “محاميا” للدفاع عن الوالي، كان حريا بها أن تنكب على معالجة المشاكل التي يتخبط فيها قطاع التعمير والبناء بمدينة البوغاز خصوصا ما يتعلق بحقوق عمال البناء وتطبيق شروط السلامة لتفادي حوادث الشغل المتكررة في صفوفهم خاصة وأن طنجة سجلت أرقاما قياسية في عدد الحوادث العرضية دون تسجيل أي متابعة في حق المسؤولين حيث عادة ما يتم طي الملف بعد تنازل الضحايا مقابل مساومات دنيئة. كما يجب أن تعي جمعية اتحاد المنعشين العقاريين أن الدفاع عن الوالي لا يكون بإصدار بيانات يتيمة، بل بالانخراط والمساهمة في مبادرات ذات بُعد اجتماعي ورياضي وثقافي لأن ثوب العفة الذي يرتديه أعضاءها لن ينطلي على الوالي..