بلاغ عبد الإله بنكيران حول زلزال الحوز تجاوز كل الحدود .. فأسكتوا هذا الرجل رجاءً

الصحافي أمين بوشعيب – إيطاليا



كما كان متوقعا خلّف البلاغ الذي أصدرته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، بعد الزلزال المدمر الذي ضرب عددا من الأقاليم المغربية، ردود فعل غاضبة ومستنكِرة من قِبل بعض القيادات داخل حزب العدالة والتنمية نفسه، فضلا عن عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب ربطه بين الزلزال وارتكاب الذنوب والمعاصي.
ويرى البلاغ أن هذه الذنوب والمعاصي لا تشمل فقط المخالفات الفردية، وإنما حتى تلك الموجودة في الحياة السياسية عامة والانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي وغيرها”. داعيا المغاربة إلى الرجوع إلى الله، كي يضمد سبحانه وتعالى الجراح ويعوّض المصابين عن مصيبتهم خيرا.
عبد العزيز أفتاتي القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية أشار في تدوينة له على حائطه بالفايسبوك، بأن عبارة ربط زلزال الحوز بالذنوب والمعاصي الواردة في البلاغ هي عبارة من عرض قدمه عبد الإله بنكيران في اجتماع الأمانة العامة للحزب. وقال بأن الأمانة العامة للحزب تتحمل المسؤولية في ألاّ يتضمن البلاغ هذه الفقرة، التي لا تنسجم مع قناعات الحزب.


وفي نفس الاتجاه ذهب الوزير السابق والقيادي بحزب العدالة والتنمية، محمد يتيم، حيث أشار إلى أن البلاغ مُستلهَم من الكلمة الافتتاحية للأمين العام للحزب عبد الإله بنكيران، واصفا البلاغ بغير الموفق من زاوية ربط ذلك بالذنوب والمعاصي ولا أحد يمكن أن يجزم أن أقدار الزلزال أو الفيضان أو الأوبئة أو الأمراض أو الأوبئة أو هذا الزلزال تعيينا أو ذاك هو عقاب من الله! بل إن القول بذلك والإيحاء به هو من باب التالي على الله”.  إلى ذلك أعلن محمد يتيم أن البلاغ المذكور شارد ولا يمثله. مشددا في نفس الوقت أن “كل أعضاء الأمانة العامة يتحملون المسؤولية، وكان من اللازم إعادة صياغتها (يقصد العبارة التي ربطت الزلزال بالذنوب والمعاصي) بما يرفع اللبس الحاصل فيها.
في حين اكتفى القيادي والوزير السابق عبد القادر عمارة بإعلان استقالته على صفحته على فيسبوك، على شكل نعي يقول فيه: “بقلب يعتصره الألم على ما آلت إليه تجربة حزب العدالة والتنمية فإني أعلن عن استقالتي من الحزب وكل هيآته منذ هذه اللحظة”. دون أن يشرح أسباب الاستقالة. ويبدو أن البلاغ المذكور هو النقطة التي أفاضت الكأس، حيث إن عمارة كان قد جمد نشاطه داخل هياكل الحزب منذ الفشل الذي مني به في انتخابات 8 شتنبر 2021، والتي حل فيها الحزب في ذيل قائمة الأحزاب المتنافسة. هذه الاستقالة دفعت محمد يتيم إلى القول: عندما يصل الأمر بأحد القيادات التاريخية في الحزب إلى الاستقالة فذلك يعني شعورا بأن تدبير الحزب قد وصل لدرجة تستدعي دق ناقوس الخطر”
سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق لحزب “العدالة والتنمية” كان هو الآخر من الغاضبين وقال: إن الأصوات التي فسرت وقوع زلزال الحوز على أنه عقاب من عند الله، تألت على الله وتقوّلت عليه، بادعاء أنه عاقب بهذا الزلزال، وهذا لا يكون إلا في علم الله، فكيف عرفوه؟ وجاء رأي العثماني في مقال مطول عممه للرد على ما جاء في بلاغ الأمانة العامة للحزب الذي ما زال ينتمي إليه، وفيه اعتبر أن مثل هذا التفسير “يسيء إلى آلاف الشهداء والجرحى الذين لا ذنب لهم في وقوع الزلزال، بل هو قدر يجب أن يواسوا فيه ويخفف عنهم، لا أن يصدموا بخطاب يجعلهم هم أو من حولهم مسؤولين عليه”.
وفي يوم الثلاثاء 26 أيلول/ سبتمبر 2023، انبرى عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية في بث مباشر ليردّ على منتقديه، ويبرّر قصده من العبارة التي ربط فيها “زلزال الحوز” بما سماها “المعاصي والذنوب قائلا إن “ناس الحوز ضحايا في الأغلب بسبب ذنوبنا جميعا كمغاربة”. وأشار إلى أنه لم يقصد ذنوب ساكنة المنطقة المنكوبة، وإنما ذنوب المغاربة، وتوقف عند كثرة المخالفات والمعاصي في المغرب، ومن ذلك المهرجانات التي كان الأولى صرف أموالها في تنمية المناطق المهمشة، إضافة إلى محاولة تشريع الزنى وتشجيع الخيانة الزوجية، والاتجار في المخدرات.
وبخصوص مخالفات الحياة السياسية، التي قد تكون سببا في الزلزال، فقد أوضح أنه يتكلم عن جمع المال بالسلطة، وسرقة المال العام، والذين جيء بهم بدون تكوين وبدون صلاح إلى المسؤوليات، ولم يستطيعوا لحد الآن القيام بالواجب. وبلهجة الواثق قال “هاد الناس فلتو(أي نجوْا) هذه المرة لكن لا ضمانة لهم أنهم غايفلتو (أي سينجوْن) في المستقبل”، وأضاف “إذا شفنا (أي رأينا) الفساد والمنكر وسكتنا فنحن مهددين بالزلزال وأكثر من الزلزال”
وأما بخصوص ضحايا الزلزال، فقد أشار إلى أنه بكى عليهم قبل الزلزال حين كان رئيسا للحكومة، لأنه عرف حالتهم، وأنهم في أشد الحاجة، ومحرومين من حقوقهم، ورغم كونه رئيس الحكومة حينها، إلا أنه لم تكن لديه الإمكانيات لتحسين وضعيتهم وطرقهم.
والآن، وبما أن بنكيران قد تحمّل المسؤولية عن الفقرة التي خلفت جدلا واسعا داخل حزبه وخارجه، وهي الفقرة التي ربط فيها الزلزال بالذنوب والمعاصي التي اقترفها المغاربة، أسائله:

هل أكلُ أموال الناس بالباطل من الذنوب والمعاصي أم لا؟ فمثلا عندما يتقاضى رئيس حكومة سابق راتبا سمينا لا يستحقّه من أموال اليتامى والأرامل، فهل يدخل هذا في خانة الذنوب والمعاصي أم لا؟  وعندما يخون رئيس حكومة سابق الأمانة، ويدير ظهره للذين وثقوا فيه، وصوتوا عليه، فباعهم بثمن بخس، هل هذا الفعل يعتبر من الذنوب والمعاصي أم لا؟  وعندما يتواطـأ رئيس حكومة سابق مع رؤساء شركات المحروقات، ويُمكّنهم من ربح ملايير الدراهم من صندوق الدعم الاجتماعي المخصص للفقراء، هل يدخل هذا في خانة الذنوب والمعاصي أم لا؟ وعندما يعمد رئيس حكومة سابق إلى تخريب صندوق التقاعد، الخاص بموظفين شقوا طول حياتهم لينعموا بتقاعد مريح في آخر العمر، هل هذا يعتبر من الذنوب والمعاصي أم لا؟ وعندما يضع سياسي، منذ أن تدرج في سلم المسؤوليات الحزبية، يده في يد الاستبداد ليطيل من عمره، هل يعتبر فعله هذا من باب اقتراف الذنوب والمعاصي أم لا؟   

فأي الذنوب والمعاصي -بعد الشرك بالله- أكبر من هذه الذنوب والمعاصي التي ارتكبتها أسي بنكيران؟  ألا تعلم أن الشعب المغربي كله يدعو عليك بسبب حجم الخراب والدمار الذي خلفتَه، خلال السنوات التي حكمتَ فيها؟ إنه دمار فاق في الزمان والمكان، ما خلفه الزلزال بعشرات المرات، فإن كان هذا الأخير قد أصاب منطقة الحوز، ولم يتجاوز ثماني وعشرين ثانية، فإن الدمار الذي خلّفته سياستُك في التدبير قد طال جميع مناطق المغرب، ولا يزال ممتدا في الزمان إلى أن يشاء الله.

تمنيتُ لو أنك اختفيتَ وتواريتَ إلى الخلف كما فعل من سبقوك. ولكنك مصرّ على استفزاز المغاربة بخرجاتك بين الفينة والأخرى، فأي حقد هذا الذي يسكنك تجاه المغاربة، ألست منهم؟ أشك في ذلك.

فلاش: بنظرة تأمل عميقة إلى ما فعله بنكيران قبل وبعد توليه رئاسة الحكومة، وإلى ما دبجته يده في البلاغ المذكور، نلحظ أن هناك حالة تلبست بشخصيته، وغدت حقاً معضلة. هذه الحالة تحمل سمات الانكفاء على الذات، والمغالاة في حبها، وتحمل الاندفاع الهستيري وراء الشهرة (أو ما يسميه رواد الانترنيت “البوز”) كل هذه السمات ليست سوى دلائل أو مؤشرات على تضخم الأنا وبروزها على نحو صارخ عند هذا الكائن السياسي، لإثبات ذاته وإنكار جهود الآخرين، حتى يبرز لمن يهمهم الأمر أنه هو الشخص المناسب لتسيير وتدبير شؤون الحكومة، وإلا فإن المغرب مهدد بالزلازل بل وأكثر من الزلازل. اللهم لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مغرب العالم: جريدة إلكترونية بلجيكية -مغربية مستقلة