خمرة السالكين

الشاعر: د. عبد العزيز سارت

حمرة الورد
بين ربيع و صيف
تنعقد

و داليتي في قاع
خابية مجهولة
طال بها الأمد

سياتي عليها يوم
تطوف الكؤوس بمائها
فلا يحصي شاربها
عد و لا عدد

ما كل و اضعة
بمرضعة لمن تلد
و ما كل امرئ
يفي بما يعد

فهل نسي العنقود
سيرته
أم شتتت شمله
غيرة
سيفها حسد

زينت بها الموائد فاكهة
فلما دارت كؤوسها
صاح القوم
انتهوا عنها و ابتعدوا

فتاه في سرها
أهل الذوق
يفسرون سحرها
بما شهدوا

و نظموا فيها القصيد
و رقصت لها الجواري
بما ينشرح له الفؤاد
و الجسد

فحسبي منك
يا خابيتي
اني بجوارك
أرى الهم يغيب عني
و يبتعد

فأرى بهجة الدنيا
تطوف حولي
و تطلب الناس ودي
تلح و تجتهد

يا من أطاوع فيك سكري
فيغلبني
حين تزدحم الأقداح
في رأسي و تتحد

فأستيقض بصوتك
ينشد في اذني
مواله الشجي
فتنهض مهجتي و تتقد

فكيف تحتمل
يا كاسي
بشاعة أزلاف
و قبح قوم
حين تنتقد

كاس في حضرة
أهل الفيض
فاض اكسيرها
و ما أفشى سرها أبدا أحد

فأدمن عليها فقراء لله
سائحون في سبيله
يرفع الله شانهم
كلما سجدوا

شربوا حب الله
فأحبوا الناس
فسخر لهم مما لا يعلمون
العون و المدد

قدروا الله حق قدره
لسانهم القرآن
و السنة الغراء
يسردها المتن و السند

يرتلون كلام الله جماعة
شروقا و غروبا
في ربوع مغرب
به الوقف هبطي
و ورش معتمد

علماؤهم و أعلامهم
نجوم في سمائهم
بين قوم ارتقوا
كلما صبروا
و فازوا كلما صمدوا

لك الولاية و الولاء
يا أغلى وطن
و لأهلك القمم العليا
كلما صعدوا

حازوا الحسنى
فبوركت تجارة
توثقت بها سبل الإيمان
و اشتد بها العود والعضد

يصلون على النبي
و هم سكارى من محبته
يرفعون لواء محمد
اينما نفذوا

تاجروا في البر
لوجه الله
واستبقوا الخيرات
فما غلت أيديهم
و ما اقتصدوا

و هبوا أنفسهم لله
حتى صاروا من أهله
فزادهم الله إيمانا
و استوى فيهم فعل و معتقد

فأنعم بهم من سالكين
طريق الهدى
لا خوف عليهم
و فيهم نور من الله
به انفردوا

عبد العزيز سارت
لوڤن، 20 مارس 2024

مغرب العالم: جريدة إلكترونية بلجيكية -مغربية مستقلة