راديو ميناء طنجة المتوسط.. إذاعة بلا جمهور لخدمة المحسوبية وتلميع صورة المسؤولين

مع اقتراب إطفاء الشمعة العاشرة لمحطة “راديو ميناء طنجة المتوسط”، تزداد الانتقادات حول الأداء الإعلامي لهذه الإذاعة التي أُنشئت في أكتوبر 2014 بهدف تحسين تجربة العبور بالميناء، وتقديم المعلومات الضرورية للمسافرين والمهنيين. إلا أن ما كان يُفترض أن يكون منبرًا فعالًا للتواصل والمعلومات، تحول إلى مشروع غامض يخفي وراءه العديد من الإشكالات. وبدلاً من أن تكون الإذاعة نافذة تعكس واقع الميناء وتعالج المشاكل التي تواجه العاملين والمواطنين، أصبحت أداة إعلامية موجهة لتلميع صورة المسؤولين والتغطية على الإخفاقات المستمرة في تدبير شؤون الميناء.

الإذاعة التي جاءت لتعزيز التواصل بين ميناء طنجة المتوسط ومرتاديه، لم تحقق الأهداف التي أُنشئت من أجلها. وبدل أن تكون وسيلة لتقديم الخدمات اللازمة والمعلومات الضرورية حول السير والجولان، الطقس، أو الإجراءات الجمركية، أصبحت أكثر انشغالًا بتلميع صورة المسؤولين في الميناء، متجاهلة بشكل كبير المشاكل الحقيقية التي يعاني منها المهنيون والمواطنون.

أحد أبرز مظاهر الفشل التي تلاحق “راديو ميناء طنجة المتوسط” هو التعتيم الشديد حول التكلفة المالية للمشروع وعدم الكشف عن الميزانيات المخصصة لتشغيله. هذا الغموض يثير تساؤلات حول مدى شفافية إدارة المشروع وفعالية استثمار المال العام فيه. وعلى الرغم من محاولة بعض الجهات الإعلامية الحصول على معلومات حول تكاليف هذه الإذاعة، لم يتم تلبية تلك الطلبات، مما يعكس غياب الوضوح والمساءلة في تدبير هذا المشروع.

إضافة إلى ذلك، يبدو أن الإذاعة لا تلبي احتياجات المجتمع المحيط بالميناء. أبناء منطقة الفحص أنجرة، الذين كانوا يأملون أن يؤدي افتتاح ميناء طنجة المتوسط إلى تحسين أوضاعهم الاقتصادية وتوفير فرص عمل، وجدوا أنفسهم مستبعدين من التوظيف، في حين يواصل الميناء استقطاب عمال من مناطق أخرى. ومع ذلك، تلتزم الإذاعة الصمت حيال هذه المواضيع الحساسة، ولا تسهم في تسليط الضوء على هذا التهميش، متجاهلة مشاكل الساكنة المحلية بشكل واضح. والدليل أن الشخص المسؤول عن هذه الإذاعة عرف كيف يستغل نفوذه لتوظيف أقربائه داخل المحطة، متجاهلاً مبدأ الكفاءة والشفافية في التوظيفات. هذا النهج يُبرز كيف تم توجيه مشروع إذاعي كان من المفترض أن يسهم في تحسين التواصل بين الميناء والمستمعين، ليصبح مجرد أداة لخدمة شبكة ضيقة من المصالح الشخصية.

ولعل أبرز الانتقادات التي تلاحق هذه الإذاعة تتمثل في تجاهلها المستمر لمشاكل المهنيين في الميناء. فالاحتجاجات المتكررة من طرف العاملين في قطاع النقل نتيجة للتأخيرات المستمرة والإجراءات المعقدة لا تجد صدى لها في برامج الإذاعة، التي تفضل تقديم صورة وردية عن الميناء، بعيدًا عن الواقع الذي يعيشه هؤلاء المهنيون يوميًا.

ويبدو أن “راديو ميناء طنجة المتوسط” لم يرقَ إلى التوقعات التي كانت معلقة عليه، لا من حيث تقديم المعلومات المفيدة للمسافرين والمهنيين، ولا من حيث خدمة المجتمع المحلي الذي يعيش في محيط الميناء. وبدل أن يكون وسيلة للتواصل الفعال وحل المشاكل، أصبح مجرد وسيلة إعلامية مغلقة على ذاتها، تروج لإنجازات وهمية بينما تتجاهل القضايا الحقيقية. وهو لا يؤدي إلى تآكل الثقة في الإذاعة، ويُظهر كيف يُدار الميناء بطريقة تفتقر إلى المهنية والنزاهة، ما يعزز من الإحباط السائد بين المواطنين والعاملين الذين يشعرون بتجاهل تام لمشاكلهم ومطالبهم.

يتبع..

المستقل

مغرب العالم: جريدة إلكترونية بلجيكية -مغربية مستقلة