طهران وتل أبيب .. التفاوض بالرشقات الصاروخية

الدكتور عادل بنحمزة

يتابع العالم فصول الحرب المجنونة التي بسطت رداءها على الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر 2023 ، عندما قررت حماس الهجوم على الداخل الإسرائيلي وما تلا ذلك على امتداد سنة كاملة من تحويل غزة إلى أرض محروقة بلغ مجموع الضحايا فيها بين قتيل وجريح ما يفوق 150 ألف مع تدمير كلي للبنية التحتية والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية وغيرها من المرافق لكن تلك المأساة المستمرة إلى اليوم، أضحت مجرد خبر تواری إلى الخلف عقب انطلاق مأساة أخرى جديدة قد تكون أكبر وأوسع نطاقا وأثرا، لأنها تهم بلدا بحجم لبنان الذي وجد نفسه مرة أخرى في قلب حرب مع إسرائيل، لم يستشر بشأنها ولم يقرر خوضها ولم يستعد لها، فقط لأن حزب الله يواصل اختطاف القرار السيادي للدولة وقرر منفردا جر البلاد ككل إلى مجزرة يقودها تيار يميني متطرف في إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو.

النجاحات التي حققتها إسرائيل منذ هجوم حماس وعلى رأسها اغتيال القيادات السياسية والعسكرية لكل من إيران وحزب الله وحماس سواء في غزة أو طهران أو بيروت أو دمشق، والتي تظهر حجم الاختراق الذي يعاني منه محور المقاومة، أظهرت الحاجة إلى رد إيراني لرفع العتب على الأقل، أمام الشعب الإيراني أولا، وأمام أنصارها في مختلف الساحات وخاصة البيئة الحاضنة لحزب الله في لبنان وبخاصة بعد اغتيال حسن نصر الله، صحيح أنه قبل أسبوع كان الخطاب الرسمي الإيراني سواء في طهران أو نيويورك، خطابا مهادنا مرنا منفتحا ومسالما بلغ حد تحميل حزب الله مسؤولية الرد على إسرائيل بغض النظر عن حجم الخسائر التي تكبدها وهو يواجه معركة وجود أكدت على ذلك وزارة الخارجية الإيرانية في تصريح رسمي، لكن يبدو أن النظام في طهران أجرى مراجعة لتقييم الوضع الحقيقي في المنطقة، هذه المراجعة خلصت إلى أن الهدف الأول لإسرائيل هو تدمير محور المقاومة وإخراجه من معادلة الصراع الإقليمي بوصفه الأداة المتقدمة في مواجهة إسرائيل، ثم بعد ذلك توجيه الضربة القاضية للنظام في إيران، لذلك خلص خامنئي وقادة الحرس الثوري الإيراني، إلى ضرورة توجيه ضربة استباقية نوعية لكنها محسوبة بوصفها مرحلة متقدمة من التفاوض مع الأمريكيين بصفة خاصة، وقد أعلنت طهران بعد الرشقات الصاروخية على إسرائيل أن ردها سيتوقف عند ذلك بشرط أن لا ترد تل أبيب معنى ذلك أنه إذا لم ترد إسرائيل بهجوم على إيران فلا مانع لدى طهران أن يواصل نتنياهو المحرقة في كل غزة ولبنان فهي قامت بالواجب ومن تم فإن محور المقاومة وفي طليعته حزب الله عليه أن يلعب الدور الذي خلق من أجله منذ 40 سنة، طبعا يتوقف ذلك على طبيعة الرد الإسرائيلي الذي قد لا يتجاوز الحدود المقبولة من طرف الأمريكيين هذا إذا لم يفاجئهم نتنياهو الذي يعتبر الفرصة سانحة لتدمير البرنامج النووي الإيراني وهو يعد مسألة وجودية بالنسبة للدولتين إذ أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيمنحها نفوذا أكبر في المنطقة كلاعب إقليمي رئيسي يجب التفاوض معه في كثير من القضايا.

نستحضر هنا معارضة إسرائيل الشديدة لخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، وهي ما يعرف بالاتفاق النووي الذي وقعته الإدارة الأميركية على عهد باراك أوباما مع إيران بتاريخ 14 يوليوز 2015، رفقة كل من الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا بالإضافة إلى ألمانيا. بنيامين نتنياهو وصف الاتفاق ساعتها بـ الخطأ التاريخي»، واعتبر كثير من السياسيين والأمنيين الإسرائيليين أن ذلك الاتفاق من شأنه تعزيز موقع إيران، بخاصة في الجوانب العسكرية التقليدية مثل الصواريخ الباليستية وهو ما ظهر جليا في هجوم أول أمس، بالإضافة إلى اليقين بأن طهران سوف توظف عائدات رفع العقوبات لتشديد الطوق على إسرائيل عبر حلفائها في سوريا ولبنان وغزة، بل أن بعض التقديرات الإسرائيلية ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما اعتبرت أن استمرار البرنامج النووي المدني في إيران من شأنه أن يمكن إيران في نهاية المطاف من امتلاك السلاح النووي حتى لو تحقق ذلك بعد 10 أو 15 سنة. لذلك استمرت إسرائيل في استهداف الكونغرس الأميركي لإسقاط الاتفاق النووي، وهو ما تحقق مع إدارة دونالد ترامب واستمرت عليه إدارة جو بايدن إلى اليوم رغم كل المحاولات التي قام بها الأوروبيون. خلافا لذلك كان رأي بعض كبار رجال الموساد الاسرائيلي عاموس يادلين إفرايم هاليفي) أن الاتفاق النووي سيمكن من تأخير قدرة إيران على امتلاك السلاح النووي، وهو أمر يتحقق بأقل كلفة، في إشارة إلى تجذب حرب مع إيران على العموم، أظهرت أزمة البرنامج النووي الإيراني أن واشنطن وتل أبيب ليست لهما أجندة متطابقة في التعاطي مع التهديد الإيراني تكرر هذا الأمر فى الاتفاق الذي تم بين واشنطن وطهران الخاص بإطلاق سراح 5 سجناء آمپرکیین في مقابل حصول إيران على 6 مليارات دولار من أموالها المجمدة في إطار العقوبات الأميركية والذي كان موضع انتقاد من طرف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كما أن الإدارة الأمريكية سعت بكل الوسائل إلى نفي تورط إيران في السابع من أكتوبر.

جملة، يمكن القول بأن واشنطن حاولت دفع إيران بعيدا من الحرب المفتوحة على كل الاحتمالات في غزة، سواء من خلال الجزرة المتمثلة في الصفقة المربحة التي ضدت 6 مليارات دولار في خزائن نظام مفلس ويعاني من حصار طويل، أم من خلال العصا، وتتمثل في حاملات الطائرات الأميركية في شرق المتوسط والبحر الأحمر، والتي بلا أدنى شك ستتدخل بشكل مباشر إذا كان هناك تهديد وجودي لإسرائيل، سواء عبر جنوب لبنان أم الجولان السوري أم اليمن أم العراق أم إيران نفسها. في المقابل، يبدو أن تل أبيب ترحب بالتدخل الإيراني لحسم التهديد الوجودي الجدي الوحيد الذي ستواجهه فى المنطقة في العقود المقبلة، ولو الشاملة المشتركة (JCPOA)، وهي ما يعرف بالاتفاق النووي الذي وقعته الإدارة الأميركية على عهد باراك أوباما مع إيران بتاريخ 14 يوليوز 2015، رفقة كل من الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا بالإضافة إلى ألمانيا. بنيامين نتنياهو وصف الاتفاق ساعتها بـ الخطأ التاريخي»، واعتبر كثير من السياسيين والأمنيين الإسرائيليين أن ذلك الاتفاق من شأنه تعزيز موقع إيران، بخاصة في الجوانب العسكرية التقليدية مثل الصواريخ الباليستية وهو ما ظهر جليا في هجوم أول أمس، بالإضافة إلى اليقين بأن طهران سوف توظف عائدات رفع العقوبات لتشديد الطوق على إسرائيل عبر حلفائها في سوريا ولبنان وغزة، بل أن بعض التقديرات الإسرائيلية ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما اعتبرت أن استمرار البرنامج النووي المدني في إيران من شأنه أن يمكن إيران في نهاية المطاف من امتلاك السلاح النووي حتى لو تحقق ذلك بعد 10 أو 15 سنة.

لذلك استمرت إسرائيل في استهداف الكونغرس الأميركي لإسقاط الاتفاق النووي، وهو ما تحقق مع إدارة دونالد ترامب واستمرت عليه إدارة جو بايدن إلى اليوم رغم كل المحاولات التي قام بها الأوروبيون.

خلافا لذلك كان رأي بعض كبار رجال الموساد الاسرائيلي (عاموس يادلين إفرايم هاليفي) أن الاتفاق النووي سيمكن من تأخير قدرة إيران على امتلاك السلاح النووي، وهو أمر يتحقق بأقل كلفة، في إشارة إلى تجذب حرب مع إيران. على العموم، أظهرت أزمة البرنامج النووي الإيراني أن واشنطن وتل أبيب ليست لهما أجندة متطابقة في التعاطي مع التهديد الإيراني تكرر هذا الأمر في الاتفاق الذي تم بين واشنطن وطهران الخاص بإطلاق سراح 5 سجناء أميركيين في مقابل حصول إيران على 6 مليارات دولار من أموالها المجمدة في إطار العقوبات الأميركية والذي كان موضع انتقاد من طرف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كما أن الإدارة الأمريكية سعت بكل الوسائل إلى نفي تورط إيران في السابع من أكتوبر.

جملة، يمكن القول بأن واشنطن حاولت دفع إيران، بعيداً من الحرب المفتوحة على كل الاحتمالات في غزة، سواء من خلال الجزرة المتمثلة في الصفقة المربحة التي ضدت 6 مليارات دولار في خزائن نظام مفلس ويعاني من حصار طويل، أم من خلال العصا، وتتمثل في حاملات الطائرات الأميركية في شرق المتوسط والبحر الأحمر، والتي بلا أدنى شك ستتدخل بشكل مباشر إذا كان هناك تهديد وجودي لإسرائيل، سواء عبر جنوب لبنان أم الجولان السوري أم اليمن أم العراق أم إيران نفسها. في المقابل، يبدو أن تل أبيب ترحب بالتدخل الإيراني لحسم التهديد الوجودي الجدي الوحيد الذي ستواجهه في المنطقة في العقود المقبلة، ولو أنها كانت تفضل على الأرجح تصفية حلفاء إيران أولا. فهل يكون الرد الإسرائيلي، الذي ينتظر أن يكون عنيفا واستثنائيا شرارة حرب إقليمية بدون قواعد اشتباك أو خطوط حمراء؟















مغرب العالم: جريدة إلكترونية بلجيكية -مغربية مستقلة