الروح تجوع وغذاؤها العبادة فهي تسد جوعتها، وتشبع نهمتها، وتملأ فراغها إن حاجة الروح للعبادة لا تقل أهمية عن حاجة الجسد للغذاء بل قد تفوقه أهمية، لأن تغذية الجسد قد تكون في الحقيقة عبادة، لذا فشهر رمضان شهر التجارة الرابحة مع الله.
دعوني أحدثكم عن نوعين من الأسر في رمضان وحالها مع الغذاء، الأسرة الفاعلة والأسرة الخاملة.
أما الأسرة الفاعلة فإنها تغذي أجساد أفرادها وأرواحهم، تزودهم بأنواع المأكولات والمشروبات، كما تشحن أفرادها بالغذاء الروحي من خلال أنواع العبادات التي يؤدونها، تستعد لتجهيز حاجيات رمضان التموينية بقدر حاجتها دون إسراف وتبذير، وتستعد لتهيئة نفوس أفرادها وشحذ هممهم للجد في رمضان للتزود بالحسنات، تضع سفرة ممتدة من المأكولات، وبجانبها برنامجا عباديا يتعاون أفراد الأسرة على طاعة الله.
إن الأسرة الفاعلة هي التي استوعبت هذه الفرصة العظيمة لشهر رمضان، فسخرت كل جهودها للخروج بأكثر منفعة أخروية في هذا الشهر، علمت بأن الأجور مضاعفة وأبواب الجنة مفتحة، وأبواب النار موصدة، والشياطين مصفّدة، فضاعفت جهودها لاستغلال هذا الموسم الذي لا يضيعه إلا مفرط جاهل، فأوقاتها محفوظة تقضي معظمها في العبادات ما بين صلاة وتلاوة للقرآن وتدبر له وتسبيح وذكر …
أما الأسرة الخاملة في رمضان فهي التي ينصب اهتمامها في تغذية الجسد، فنهارها نوم وليلها أكل وترفيه وتسوق، حظها من العبادة قليل، ونصيبها من شهر الخير ضعيف والله المستعان.
إن رمضان ليس شهرا عاديا بل هو منحة ربانية وقد اصطفانا الله بأن بلغناه، لذا فمن الغبن أن يتم تضييعه بين اللهو والكسل.
والأسرة مستأمنة على أفرادها فإما أن تكون أسرة فاعلة وقد فازت وربحت، وإما أن تكون أسرة خاملة وهي للخسارة أقرب.