غضب شباب فاس الجنوبية مع اقتراب الانتخابات البرلمانية الجزئية

بقلم: ذ. جواد الكعابي/ كندا

الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، تجمع العشرات من شباب فاس الجنوبية في مجموعات متفرقة، حان وقت لعب القمار والتحدث بصوت مرتفع، وسط غضب واضح وعدم الرضا عن الوضع الراهن.

من سيحمي إذن هؤلاء الشباب، هؤلاء الزهور، كنز المغرب المتجدد، هاته الطاقات التي لم تعرف كيف تستفيد منها فاس الجنوبية؟

أثار هذا المشهد تساؤلات الصحافة حول دور السلطات المحلية، وهل تتبنى سياسة تعامل مختلفة تجاه الشباب؟ فتتابع الأحداث وتسأل الشرطة عن عدم تدخلها الصارم لفض هذه التجمعات، وتأتي الإجابة بأن الحل ليس دائماً بالقوة، بل وجب اعتماد لغة الحوار والتربية عوض القمع والمساهمة في الاحتقان الإجتماعي.

وتابعت الشرطة، إنهم شبابنا، إنهم أطفال، هنا ارتبكت الصحافة، ليس من رفض تدخل رجال الشرطة بالصرامة وبالقوة لفض هاته التجمعات، بل دعونا من فضلكم نسميها الطريقة السامية الجديدة التي أصبحت تنهجها السلطات المحلية المغربية، ألا وهي تفضيل العمل التربوي وطريقة الحوار ومحاولة فهم المواطن، إنها الشرطة في خدمة الشعب قولا وفعال.

شباب سياسي دبلوماسي: أصوات الإصلاح والتحول في فاس الجنوبية.

حاولت الصحافة التواصل مع هؤلاء الشباب فاكتشفت بأنه شباب يتحدث بطريقة توحي بفهمهم العميق للسياسة، قادرون على تقديم حلول للمشاكل، تفوق ما يقدمه السياسيون المحليون.

نعم، إنهم شباب لن تجرأ عليهم أي قوة إدارية أو سياسية. إنهم شباب قوي، يتحدثون السياسة والدبلوماسية ويطرحون التساؤلات بصوت مرتفع، لكنهم يحملون في قلوبهم كثيرا الحنان والإنسانية، قوتهم تكمن في الاستماع والتجاوب مع الأسئلة، مما يفتقر إليه السياسيون والمنتخبون.

إنهم شباب أصبح من الصعب جدا أن تنظر في أعينهم، لن تصمد دقيقتين أمامهم دون أن تشعر بقوة الهزيمة، يسألونك، يحاسبونك عن ماذا فعل المسؤولون من أجل دمجهم اقتصاديا واجتماعيا، تساؤالتهم كلها بقوة البركان، إنهم كالمعادن المختلفة، هم الذهب وهم الفضة وهم الليثيوم وهم النحاس وهم كل المعادن الذين إن اختلطت أصبحت كالبركان الذي يمكن حتى أن يفجر الجبال ليخرجون ويقولون، إننا الكنز، أننا كل المعادن الثمينة والتي لم يعرف المسؤولون استغاللها.

شباب لن يجرأ السياسي مجادلته، شباب أسئلته تفوق قوة الرصاص، بل هي رشاش بمئات الأسئلة، شباب استطاع تعرية السياسي الذي أصبحوا يروناه فقط في قبة البرلمان وليس حاضرا كمنجزات في الميدان.

إنهم يثيرون تساؤلات بقوة البركان، يتحدثون عن مشاكل الحي الصناع وعن حقوق المرأة ومعاناتها. يطالبون بتحسين الأجور واحترام الحد الأدنى للأجور ويطالبون الشركات باحترام القانون، كما يتساءلون عن تفشي المخدرات والهلوسة، لإعتبارات اقتصادية واجتماعية.

هؤلاء الشباب يحملون في طياتهم الكثير من الألم واليأس، يبحثون عن الدعم والحماية التي تخلت عنهم. ينظر إليهم رجال الشرطة بعيون الحزن والاعتذار، فهم يعلمون أن هؤلاء الشباب ضحايا الوضع السياسي والاجتماعي الصعب.

السياسيون والحلول المنسية لشباب فاس الجنوبية إذا استطاع حزب الأحرار وحزب الأصالة المعاصرة وحزب الاستقلال أن يجتمعوا على طاولة واحدة لتقديم مرشح واحد للفوز بمقعد في البرلمان في منطقة هؤلاء الشباب، فهم لم يستطيعوا القيام بنفس الشيء لإيجاد حلول لهم، أتوا الآن فقط ليخدعوا الشباب من أجل التصويت ومنح الفرصة للسياسيين لتحقيق مناصب مرموقة وحصولهم على رواتب شهرية تُحسب بالملايين، ولكنهم يعجزون في إيجاد حلول لتشغيل هؤلاء الشباب.

وفي النهاية، تركت المسؤولية كلها على عاتق السلطات المحلية، وعلى عاتق رجال الأمن، ليقوموا بدور المربي، والإطفائي، والإداري، والسياسي، و الدبلوماسي، ورجل الأعمال، والمساند، والطبيب.

أيها السياسيون والمنتخبون، ارحموا الشباب، وخاصة رجال الشرطة، فهم لم يتم انتخابهم لينوبون عنكم للقيام بمهامكم في تحسين جودة حياة المواطن.

لنا عودة في الموضوع..

مغرب العالم: جريدة إلكترونية بلجيكية -مغربية مستقلة