بقلم الصحافي / فؤاد السعدي
يتأكد يوما بعد يوم، ومع فضيحة بعد أخرى أن مدينة طنجة طبّعت مع الفساد حتى صار جزءا من بنيتها تحميه أطراف من داخل المؤسسات سواء المنتخبة أو الإدارية. فعلى الرغم من توفر الآليات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية (الدستور، المجلس الأعلى للحسابات، اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد..) فضلا عن الهيآت غير الحكومية التي يبدو أن السلطتين معا للأسف لا تتعاملان مع تقاريرها بالجدية والحزم اللازمين، يسجل الرأي العام الطنجاوي الذي لم تعد تخفى عليه ملفات الفساد وضلوع مسؤولين فيها تراخي السلطة وتساهلها مع لوبياته بشكل غير مفهوم مما يثير الشكوك حول صدقية وجدية خططها لمحاربة تفشيه.
لقد أصبح مؤشر الفساد داخل صفوف بعض رجال السلطة ومسؤولين ولائيين بالمدينة يشكل مصدر قلق حقيقي في إدارة الشأن العام، وهو ما يتطلب معه إجراء عملية مستعجلة للتخليق ووقف النزيف بالتعامل بكل صرامة مع أي سلوك لا يستقيم في الاتجاه الذي انخرطت فيه المملكة بخصوص محاربة الفساد وزجر المفسدين.
لقد ضهرت أكثر من ذي قبل تجليات سلوك السلطة الإنتقائي ونزوحها لاستعمال الشطط في تطبيق القانون فيما يتعلق بالحملات التي شنتها على أصحاب المقاهي لتحريرها من الفوضى والعشوائية، بعدما طبعها نوعا من المزاجية والانحياز في التعاطي مع هذا الملف بإظهار الحزم والجدية مع المخالفين والإقتصار على إبداء المرونة واللين مع غيرهم من المحضوضين، مستغلين غياب تدخل الوالي التازي الذي فوض صلاحيته لمسؤوليين عوض أن يسهروا على تطبيق تعليماته باعتماد مبدأ سيادة القانون على الجميع، ذهبوا في اتجاه حصد المغانم وتحقيق المكاسب.
اليوم وفي ظل تفاقم الإجماع الحاصل حول وجود تطبيع مع الفساد بمدينة طنجة، والذي اتخذ أكثر صوره ابتذالا، يتضح أن حملات المراقبة الجارية حاليا من شأنها أن ترمي بحجر صغير في المستنقع الراكد، وتبعث برسالة، مفادها أن مسؤولي الإدارة الترابية همهم الوحيد تحقيق مصالحهم، والابتعاد قدر المستطاع عن فتح الملفات الكبيرة التي تكتسي أهمية بالغة لدى المواطنين.
الثابت أن حالة المد والجزر التي تعيش على إيقاعها السلطة بطنجة في تعاملها مع عينة محددة من ملفات الفساد، واستمرار إغماض العين عن الاختلالات التي تكشفها وسائل الإعلام الجادة، قضية مقهى “RR ice” نموذجا، يعطي انطباعا بأن فتح هذه الملفات، وفي ضل الواقع الحالي سيبقى مجرد حلم بعيد المنال.
فهل يمتد حبل لجنة التأديب بوازرة الداخلية ليطوق عنق بعض مسؤولي الأقسام بولاية طنجة؟ وهل تتحرك المفتشية العامة لوزارة الداخلية لتنظر في شأن ما تتعرض إليه مدينة طنجة من تسيب وشطط؟ وهل سيتصدى الوالي لجيوب الفساد داخل إدارته الترابية عبر اتخاذه قرارات حازمة للحد من بطش بعض مسؤوليها؟
اليوم مدينة طنجة تئن من وطأة الفساد وتسلط أصحابه في انتظار إلتفاتة مولوية كريمة لعودة الروح لمدينة بدأت تفقد وهجها وتوهجها على كافة المستويات. اليوم ساكنة طنجة على قلب رجل واحد يناشدون السدة العالية بالله، وصوت حالهم يقول.. أغثنا يا جلالة الملك.. حال طنجة لم يعد يبشر بخير، فهي ليست بين أيادي آمنة..