الأستاذ إدريس رحاوي
تدريس اللغة العربية والأمازيغية لأطفال مغاربة العالم بالفعل يواجه تحديات كبيرة، وغالبًا ما يُنظر إليه على أنه استثمار فاشل، ليس لأن اللغات غير مهمة، بل بسبب الفجوة الواسعة بين المقاربات التعليمية في المغرب وبلدان الإقامة. هناك عدة عوامل تُسهم في هذا الفشل، أبرزها اختلاف الأنظمة التعليمية بين المغرب والدول المستضيفة، واختلاف البيداغوجيات المستخدمة، بالإضافة إلى العقبات الثقافية واللغوية التي تواجه المعلمين والطلاب على حد سواء.
أنظمة التعليم في الدول الأوروبية أو الغربية عمومًا تعتمد على أساليب تعليمية وبيداغوجيات حديثة تختلف بشكل جوهري عن تلك المعتمدة في المغرب. في دول الإقامة، يتم التركيز على التعليم التفاعلي، وتنمية المهارات الشخصية، والتكيف مع متطلبات العصر الرقمي، بينما في المغرب ما زال التعليم يعتمد بشكل كبير على النماذج التقليدية التي تركز على التلقين والحفظ.
هذه الفجوة تجعل من الصعب على المعلمين القادمين من المغرب التواصل بفعالية مع الأطفال الذين وُلدوا وتعلموا في بيئة مختلفة تمامًا. إضافة إلى ذلك، يواجه هؤلاء المعلمون صعوبة في فهم السياقات الثقافية والاجتماعية التي يعيش فيها التلاميذ ، مما يجعلهم غير قادرين على توصيل المعلومات بطريقة تلائم حاجات الجيل الجديد.
أحد أكبر التحديات التي تواجه تدريس اللغة العربية والأمازيغية هو عائق اللغة نفسه. الأطفال المغاربة الذين وُلدوا في المهجر غالبًا ما يتحدثون لغة البلد الذي يعيشون فيه كلغتهم الأولى، سواء كانت الفرنسية، الهولندية، الإسبانية، أو الألمانية. في كثير من الأحيان، يجد هؤلاء الأطفال صعوبة في استيعاب المناهج التعليمية المقدمة باللغة العربية الفصحى أو الأمازيغية، خصوصًا إذا لم تكن هناك قاعدة لغوية سابقة.
بالإضافة إلى ذلك، حتى إن كان الطفل يفهم بعض اللغة العربية أو الأمازيغية من خلال التواصل اليومي في البيت، فإن الفجوة بين اللغة المتداولة في الحياة اليومية والمحتوى الأكاديمي قد تكون كبيرة جدًا، مما يؤدي إلى فقدان الطفل للانجذاب نحو تعلم اللغة بشكل أكاديمي.فبدلاً من إرسال معلمين من المغرب إلى بلدان الإقامة، الحل الأمثل يكمن في تكوين أساتذة من أبناء الجالية المغربية المقيمة في الخارج. هؤلاء المعلمون سيكون لديهم الفهم الأعمق للسياق الثقافي والاجتماعي، وسيتمكنون من استخدام بيداغوجيات تعليمية متوافقة مع النظم التعليمية في بلدان الإقامة. فهم يعيشون نفس البيئة، ويتحدثون نفس اللغة التي يتحدثها الأطفال، مما يجعلهم أكثر قدرة على التواصل معهم بطريقة فعالة وجذابة.
استمرار الاعتماد على مقاربات تعليمية تقليدية قادمة من المغرب في تعليم أبناء الجالية هو استثمار محكوم عليه بالفشل. لتحقيق النجاح في هذا المجال، نحتاج إلى إعادة التفكير في الطريقة التي يتم بها تقديم اللغة العربية والأمازيغية لأطفال مغاربة العالم، مع التركيز على تطوير مقاربات تعليمية جديدة تستند إلى فهم حقيقي لحاجات الجيل الجديد، وبيئته الثقافية والاجتماعية.