قضية فلسطين.. للشعب المغربي قضية وطنية

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2017-12-06 17:26:53Z | |

الصحافي أمين بوشعيب – إيطاليا

لا مطلب للمغاربة الذين يخرجون يوميا تعبيرا عن غضبهم على الجرائم التي ترتكبها الآلة الجهنمية الصهيونية في حق إخوانهم الفلسطينيين، سوى إسقاط التطبيع وطرد دافيد غوفرين ممثل إسرائيل في المغرب.    

                                    
المغاربة منذ البدء، لم يكونوا راضين على التطبيع، لأنه في نظرهم يعتبر خذلانا للشعب الفلسطيني، وخيانة للقضية الفلسطينية العادلة، وقد عبروا عن ذلك بالخروج بالآلاف متظاهرين ومحتجين في جلّ المدن المغربية من شمال المغرب إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه. مظاهرات واحتجاجات كانت بمثابة استفتاء شعبي، يؤكد من خلاله الشعب المغربي رفضه القاطع، لكل الاتفاقيات التي وقعتها حكومةُ سعد الدين العثماني مع دولة الاحتلال الصهيوني في 10 ديسمبر/ كانون أول، سنة 2020.   
فهل النظام المغربي سيتراجع عن مسار التطبيع ويبادر إلى قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني؟ وهل ينسجم هذا المسار مع دور المغرب الذي يترأس “لجنة القدس” في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني؟
على الرغم من استمرار الدينامية الاحتجاجية بالمدن المغربية منذ بداية العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة، حيث لا تزال تشهد مختلف المدن وقفات ومسيرات ضخمة، يبدو ان كل ذلك لا يجد تجاوبا لدى النظام المغربي، مما يجعل الهوة تتفاقم بين الشعب والنظام، مما يجعل هذا الأخير يسير في اتجاه معاكس لكل مطالب الشعب المغربي، تحت ذريعة أن اتفاق التطبيع مع إسرائيل فرضته مصالح الدولة العليا.
فما هي هذه المصالح العليا التي يتحجج بها النظام المغربي؟

المصلحة العليا لأي دولة، تتمثل في كل وجوه دفع الضرر وجلب المنفعة للمجتمع، بما هو وحدة من البشر مترابطة برباط العيش المشترك والمصير الواحد. ومن وجوه هذه المصلحة العليا للمجتمع الأمن، مثل سلامة الأشخاص والأمن الغذائي والأمن الصحّي…وتتحقّق المصلحة العليا للمجتمع من خلال وعي المجتمع بها والسهر على وضعها فوق كل الاعتبارات كما يقتضي تحقيقها ضبطها بالقوانين التي تلزم المجتمع باحترامها وتعاقب من يسعى لتهديدها أو ضربها. ويكون تشخيصها بناء على عمل مشترك بين كل مكوّنات المجتمع والحفاظ عليها، والدفاع عنها أيضا هو واجب مشترك بين هذه المكوّنات.

فما هي يا ترى المنافع التي جلبها المغرب من التطبيع، وما هي وجوه الضرر التي دفعها؟

يقول رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، أحمد ويحمان، نحن في كل الائتلافات المناصرة لكفاح الشعب الفلسطيني نتحرك بسقف إسقاط التطبيع، والقضية الفلسطينية بالنسبة للشعب المغربي هي قضية وطنية .. والشعب وكل القوى الحية بالمغرب، بكل اجتهاداته الفكرية والسياسية، ما انفك يردد، تعبيرا عن واحد من أهم ثوابته، فلسطين أمانة والتطبيع خيانة .. المقاومة أمانة والتطبيع خيانة …. وعليه فإننا، في كل هذه الائتلافات والهيآت السياسية والنقابية والحقوقية والمدنية، سنواصل التعبئة والصمود حتى إلغاء الاتفاقيات المشؤومة، وإغلاق مكتب الاتصال الصهيوني، وطرد الصهاينة القتلة العنصريين زراع الفتن، من بلادنا وتطهيرها منهم” وأضاف: “الصهاينة يحضرون لتقسيم المغرب إلى ستة كيانات.. ونحن أصدرنا في المرصد المغربي لمناهضة التطبيع كتابا موثقا بالخرائط والأعلام وحتى “الأناشيد الوطنية” لهذه الكيانات”

وسُئل أحد النشطاء المغاربة المناهضين للتطبيع: لماذا التطبيع خيانة؟ فقال: “الأمور واضحة بلا لف ولا دوران، إن كل فلس جناه الصهاينة من العلاقات الاقتصادية التي أصابت حُمَّاها السلطات المغربية، خصوصا في السنوات الثلاثة الأخيرة، هو مساهمة مباشرة في القنابل التي يقصف بها أطفال ونساء غزة. وهذا الذي كنا نحذر منه وكانت الحاكمون يغمضون عنه الأعين ويصمون الآذان”

عندما اقترف حزب العدالة والتنمية خطيئة التطبيع، خرج أمينه العام آنذاك سعد الدين العثماني يبرر ما اقترفته يداه، قائلا: إن اتفاق التطبيع مع إسرائيل فرضته مصالح الدولة العليا وقضية وحدة الصحراء”
لكن، وإلى غاية كتابة هذه السطور، يبدو أن موقف إسرائيل من قضية الصحراء،  لا يزال يثير الشكوك، وهو ما تبيّن من خلال الصورة المنشورة يوم الأربعاء 25 أكتوبر 2023، والتي يظهر فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، عند استقباله رئيسةَ وزراء إيطاليا، جورجيا ملوني، في مكتبه الخاص، وبجانبه خارطة المغرب مبتورة من صحرائه. فهل هي رسالة مقصودة تحمل خطابا دبلوماسيا مشفرا، ودلالات تعبيرية عما قد تعجز عنه الكلمات؟

شخصيا لا أشك في ذلك. 

فلاش: هذا التضامن الكبير مع القضية الفلسطينية، وهذا الزخم الشعبي القوي الذي أبان عليه الشعب المغربي، فإنْ كان شعاره الرئيس إسقاط التطبيع مع الكيان الصهيوني، فإنما يرمي، بالموازاة مع ذلك، إلى انتزاع موقفٍ مشرّف يعيد للمغرب عزّته ومكانته، في الدفاع والانتصار للقضية الفلسطينية العادلة، ويعوّض الخسارة التي مسّت رصيده الرمزي، الذي تآكل بفعل اتفاقية التطبيع التي أبرمتها حكومة سعد الدين العثماني مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وأما البلاغ الخجول الذي أصدرته وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج مؤخرا، والذي تجدد من خلاله التعبير عن قلقها البالغ واستياءها العميق، في ظل استمرار “الأعمال العسكرية المتصاعدة وتفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة” (انظر إلى تلطيف العبارات) لا – يا وزير الخارجية المغربي- عليك تسمية الأمور بمسمياتها: إنها مجازر وحشية همجية نازية فاشية غير مسبوقة في حق أطفال ونساء فلسطين. وعلى أية حال فهذا البلاغ الخجول، لا يرقى إلى تطلعات المغاربة، خاصة وأن المغرب يرأس لجنة القدس في شخص الملك محمد السادس، ثم إن الشعب المغربي لن يرضى دون قطع العلاقات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، وتمزيق اتفاقية التطبيع وما نتج عنها من اتفاقيات. 

مغرب العالم: جريدة إلكترونية بلجيكية -مغربية مستقلة