بقلم: الصحافي أمين بوشعيب/إيطاليا
مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج هي مؤسسة تأسست سنة 1990 في عهد الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله، وذلك بهدف دعم وتعزيز العلاقات بين المغاربة المقيمين في الخارج وبين المغرب. وبهدف تقديم الدعم والمساعدة للمغاربة المقيمين في الخارج في مجالات متعددة، مثل التعليم والثقافة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أما بالنسبة للالتزامات، فالمؤسسة ملتزمة بتحقيق الأهداف والمهام التي سطرتها منذ نشأتها بشكل فعّال وفي إطار القوانين واللوائح المعمول بها.
ومن الأهداف التي التزمت بها المؤسسة تعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بين المغاربة المقيمين في الخارج والمغرب، وتقديم الدعم والمساعدة للمغاربة المقيمين في الخارج في مجالات مثل التعليم والتكوين المهني والصحة والإعانات الاجتماعية، وتنظيم الفعاليات الثقافية والاجتماعية والرياضية لتعزيز التواصل والتلاقي بين المغاربة المقيمين في الخارج، ودعم المشاريع الاقتصادية والاستثمارية التي تقوم بها المغاربة المقيمين في الخارج في المغرب. كما أنها التزمت بتوجيه الموارد والدعم بطريقة شفافة وفعّالة لضمان تحقيق أقصى فائدة للمجتمع المغربي في الخارج والمغرب بشكل عام. كما التزمت بتقديم خدمات ذات جودة عالية وفعالة للمغاربة المقيمين في الخارج، وكذا المساهمة في تعزيز صورة المغرب في الخارج من خلال برامجها وأنشطتها. أضف إل ذلك التزامها بإرسال الأئمة إلى بلدان إقامة المغاربة خلال شهر رمضان حفاظا على أمنهم الروحي، دون أن ننسى ربط المؤسسة شراكة مع بعض الجمعيات للقيام بزيارات للمعتقلين المغاربة خصوصا في السجون الإيطالية لتحسيسهم باحتضان الوطن لهم.
ولتحقيق كل هاته الأهداف، عملت المؤسسة على توفير الموارد المالية والبشرية الكافية لتنفيذ برامجها ومشاريعها، على ربط علاقات تعاون متعددة الأوجه، مع الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة والمنظمات والهيئات التي تُعنى بقضايا الهجرة عامة وقضايا الهجرة المغربية على وجه الخصوص، إلى جانب دعم الشراكة مع جمعيات المغاربة المقيمين بالخارج على اختلاف أنواعها واهتماماتها، وتتمثل الشراكة في دعم بعض الأنشطة العلمية والثقافية والتربوية للجمعيات. حيث قد تتعاون في تنفيذ مشاريع مشتركة أو تدعم بعضها في تحقيق أهدافها المشتركة
لا بد من الاعتراف أن الهجرة قد أتاحت لمغاربة العالم توسيعَ آفاقهم وتحسين ظروف عيشهم وأوضاع أسرهم وإثراء تجاربهم، فهم يرتقون بين عوالم اجتماعية وثقافية مختلفة من حيث الموروث التاريخي والهوية والبيئة المعيشية والمناخ السياسي. ثُمَّ إنهم يَنفعون بعملهم وطاقتهم الإبداعية ومواردهم في المجتمعات التي تحتضنهم وبلدهم الأصل على حّدٍّ سواء. وبهذا الصدد لا بد من التذكير، بأن مغاربة العالم أصبحوا يشكلون نحو 15 في المائة من مجموع ساكنة المملكة المغربية، ويساهمون بأزيد من 7 في المائة من ناتجها الداخلي الإجمالي.
إن ارتباط مغاربة العالم بالوطن ليس مشروطا، وهو موضوع شامل يتضمن عدة جوانب، فالمغاربة المقيمين في الخارج يحتفظون بروابط قوية مع بلدهم الأصلي بمختلف الطرق والوسائل، ويتمسكون بالهوية المغربية، وحب الانتماء إليها، وخير دليل على ذلك لاعبو المنتخب المغربي لكرة القدم، الذين يرفضون كل الإغراءات المالية ويفضلون حمل القميص الوطني. ومن أبرز هذه الروابط التي أشرنا إليها:
الروابط الاجتماعية والعائلية، حيث تظل العلاقات العائلية قوية بين المغاربة المقيمين في الخارج وعائلاتهم في المغرب، يقومون بزيارة الأهل والأقارب بشكل منتظم ويشاركون في المناسبات الاجتماعية والأعياد. وهناك أيضا الروابط الاقتصادية حيث يقوم العديد من المغاربة المقيمين في الخارج بدور هام في دعم الاقتصاد المغربي من خلال إرسال التحويلات المالية إلى عائلاتهم واستثماراتهم في البلاد. بعضهم يشاركون في تطوير مشاريع اقتصادية واجتماعية في المغرب، مما يسهم في خلق فرص عمل وتنمية اقتصادية. ثم هناك روابط أخرى لا تقل أهمية على سابقتيها وهي الروابط الثقافية واللغوية حيث يحافظ المغاربة المقيمون في الخارج على ثقافتهم ولغتهم الأم، ويُحاولون نقل تلك القيم والتقاليد إلى أجيالهم الجديدة. يعملون على الاحتفاظ باللغة العربية والأمازيغية والثقافة المغربية من خلال المحافظة على التقاليد والعادات والمشاركة في الفعاليات والأنشطة الثقافية المغربية في بلدانهم الجديدة.
ومع ذلك يرى مغاربة العالم أن هذه الروابط لا تزال منقوصة، ما لم تتحقق الروابط السياسية والاندماج في النسيج السياسي المغربي، حيث إن مغاربة العالم لا يزالون ينتظرون الاستجابة لمطالبهم السياسية، التي كان العاهل المغربي محمد السادس، قد أعلن عنها في خطابٍ بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء من سنة 2005، ويتعلق الأمر بتمكين مغاربة الخارج من أن يكون لهم ممثلون في البرلمان وإحداث دوائر تشريعية انتخابية بالخارج، وفتح المجال أمام الأجيال الجديدة من الجالية المهاجرة للتصويت والترشيح في الانتخابات.
مغاربة العالم ينتظرون كذلك التنزيل الفعلي للفصل 17 من دستور 2011، والذي نصّ على أن “يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات”، “ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية، المحلية والجهوية والوطنية” وينتظرون كذلك تفعيل توصيات تقرير “النموذج التنموي الجديد 2021” والذي أفرد حيزا مهما لمطالب وآمال الجالية المغربية بالخارج.
فلاش: نتمنى أن تقوم مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج باستكمال هذه الروابط، وتمكين مغاربة الخارج من حقهم الدستوري، حتى يتمكنوا من لعب دورهم في المشهد السياسي والاجتماعي سواء في بلدان إقامتهم، أو في وطنهم الأم المغرب، وذلك من خلال ممارسة حقهم في التصويت والترشيح في الانتخابات المغربية والمشاركة في الحوارات والفعاليات ذات الصلة.