بقلم: د. عادل بنحمزة
تقع موريتانيا منذ فترة غير قصيرة في تقاطع مصالح قوى إقليمية ودولية، يعززها الوضع الخطير الذي فيه منطقة الساحل والصحراء، إضافة إلى استمرار رهان الجزائر على جعل الصحراء المغربية مصدر عدم استقرار للمغرب، ومبرراً لصراع ثنائي بين البلدين يتم استدعاء أطراف أخرى لتلعب فيه دوراً ستكون تداعياته خطيرة، وستجعل من منطقة المغرب الكبير ساحة جديدة للصراع بين القوى الدولية، بين محور الناتو من جهة وموسكو/بكين من جهة أخرى.
الساحة الموريتانية عرفت منذ منتصف السنة الماضية وبداية هذه السنة دينامية دبلوماسية كبيرة، ففي 17 حزيران (يونيو) 2022 عرفت نواكشوط زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، وكان من المرتقب في 28 تموز (يوليو) 2022 أن يزورها مستشار وزير الخارجية الأميركي ديريك شوليه، ضمن جولة كانت تشمل السنغال وفرنسا، لكن زيارة موريتانيا تأجلت في آخر لحظة من دون ذكر الأسباب، بينما كان المسؤول الأميركي الرفيع المستوى في الجارة الجنوبية السنغال. وفي 25 أيلول (سبتمبر) 2022 عُقد لقاء في نيويورك بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيره الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك على هامش انعقاد الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، علماً أن آخر زيارة لوزير الخارجية المغربي لنواكشوط كانت في 19 شباط (فبراير) 2020، وقبلها بأسبوع شهدت الرباط زيارة وفد أمني موريتاني هام برئاسة الجنرال محمد ولد مكت، المدير العام للأمن الوطني للجمهورية الموريتانية.
وفي 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2022، زارت نائبة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند موريتانيا، تلتها في 14 كانون الأول (ديسمبر) 2022 زيارة الوزير الأول الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، وقبل نهاية سنة 2022، وبالضبط في 29 كانون الأول قام رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان بزيارة رسمية لنواكشوط هي الأولى له للقارة الأفريقية، لكن يبقى أن أبرز حدثين دبلوماسيين هما زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان على رأس وفد وزاري لنواكشوط في أول شباط (فبراير) الجاري، والمثير أنه في اليوم نفسه كان وزير الدفاع الموريتاني الفريق حنن ولد سيدي يحل ضيفاً على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، ثم الزيارة التي قام بها أمس وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي التقاه رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الغزواني، وهي زيارة سبقتها مباشرة زيارة وفد عسكري من حلف الناتو.
زيارة وزير الخارجية الإيراني لموريتانيا تثير كثيراً من علامات الاستفهام. لا يتعلق الأمر بالاعتراض على اختيارات موريتانيا وهي دولة ذات سيادة تبحث تنويع شركائها، لكن الأمر يتعلق بحقيقة الأهداف الإيرانية في منطقة الساحل والصحراء…”