الإحصاء الذي تنظمه المندوبية السامية للتخطيط ما بين 1 و 31 شتنبر الجاري، أثار موجة من الاستياء وسط عدد من الأساتذة والإعلاميين المغاربة، بسبب طبيعة الأسئلة المدرجة في الاستمارات.
وعبّر المنتقدون عن امتعاضهم من بساطة الأسئلة وعدم شموليتها للمعطيات الضرورية لفهم الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمغرب، مستغربين في الآن نفسه من جدوى إنفاق المليارات على عملية إحصائية لا تعكس الواقع أو توفر معطيات دقيقة.
السوسيولوجي حميد بكاري كتب على صفحته بموقع فيسبوك: “كدارسٍ للسوسيولوجيا صُدمت بنوعية الأسئلة التي طرحها علي الباحث أثناء الإحصاء. كنت أتوقع أسئلة تتيح فهماً أعمق للأسر المغربية وتطورها، مثل عدد العاملين والعاطلين، لكن ما حصلت عليه كان مجرد أسئلة بسيطة تقتصر على ما يتوفر في مصالح الحالة المدنية.” وأضاف مستنكراً: “تمخض الجبل فولد فأراً. الأموال الطائلة صرفت دون رؤية واضحة.”
الرأي ذاته عبر عنه الناشط إشراق بنعللا قائلاً: “ما فائدة الأسئلة المتعلقة بسنة الزواج أو إذا ما كان أحد أفراد الأسرة قد توفي؟ الأسئلة بدت لي شخصياً تافهة ولا تعكس الواقع الاجتماعي للأسر المغربية.”
من جانبها، شاركت الإعلامية والصحفية “سعيدة شريف” تجربتها الشخصية مع باحثة إحصاء قائلة: “استقبلت باحثة إحصاء وطرحت علي مجموعة من الأسئلة الشخصية البسيطة كالعمر والحالة الاجتماعية، وعند انتهاء الاستبيان شعرت بالدهشة. هل هذا فعلاً ما نسميه إحصاءً؟”. وأضافت: “هذا استبيان بلا رؤية واضحة، ولا أعتقد أنه سيساهم في تحسين السياسات العامة أو تقديم خطط تنموية حقيقية.”
الأستاذ الجامعي إدريس عبيزة أعرب عن نفس الاستغراب قائلاً: “الاستبيان الذي قُدم لي كان بعيداً عن أي من المواضيع الاجتماعية أو الاقتصادية الجوهرية. الأسئلة لم تتطرق إلى عدد أفراد الأسرة أو وضعهم المهني.”
وعزت مصادر مطلعة سبب استخدام استمارات قصيرة إلى مشاكل تقنية تتعلق ببطء التطبيق المعلوماتي المستخدم، مما دفع المهندسين إلى الاكتفاء بعينة صغيرة من السكان لإجراء استمارة شاملة.
في المقابل، نفى مصدر مسؤول من المندوبية السامية للتخطيط ما وصفه بـ “المزاعم المغلوطة”، مؤكداً أن هناك استمارتين للإحصاء: الأولى تركز على ظواهر نادرة كالوفيات والهجرة، في حين تشكل الثانية قاعدة لبحوث مستقبلية تتعلق بمواضيع مثل الخصوبة والتعليم والنشاط الاقتصادي. وأوضح المصدر أن العينة المختارة تمثل 20% من السكان وتكفي لتكوين صورة دقيقة عن المجتمع المغربي.
المستقل