واقع التنوع البيولوجي بالمغرب والتهديدات التي تواجهه وآليات حمايته التشريعية والتقنية والتربوية”الجزء الاول”

 التنوع البيولوجي بالمغرب..أظهرت الثراء الحقيقي والتنوع الكبير في البيئات الطبيعية سواء البرية والبحرية، لكن في مقابل ذلك لم يكن التاريخ منصفا لبعض الأصناف التي انقرضت فعلا لعدم التدخل في الوقت المناسب، أو أن عدم وجود المعلومات حال دون ذلك، ومن هنا يتضح أن الآليات الدولية المعنية بحماية التنوع البيولوجي بمختلف أنواعه البرية والبحرية تختلف من حيث الزمان والأدوات المستعملة وحتى المكان وفقا لتقاسيم البيئات الطبيعية المختلفة، وهذا يعود لأسباب مختلفة؛ فالبعض من الأنشطة المعنية بحماية التنوع البيولوجي ذكرت سريعا، والبعض الآخر أدرج ضمن المبادئ العامة. هذا لا يعني عدم وجود آليات تتناول حماية التنوع البيولوجي؛ لكن النظر إلى هذه العناصر كوحدة وظيفية تتفاعل فيما بينها لم يكن إلا بعد 1992، وبعد ذلك تنامى مفهوم التنوع البيولوجي وازدادت أهميته بشكل لافت؛ فلم يعد يقتصر موضوع حمايته على مؤتمر أطراف اتفاقية التنوع البيولوجي بل امتد ليطال جمعية الأمم المتحدة وأجهزتها الفرعية، فأصبح موضوعا يتداول في أروقتها، ويناقش من قبل مجموعات عمل خصصت لتناول جميع الأمور المعنية بحمايته وإدارته على نحو مستدام، كما حضي التنوع البيولوجي باهتمام العديد من المنظمات الإقليمية المعنية بحماية البيئة عموما والتنوع البيولوجي خصوصا. لهذا فإن للآليات المؤسساتية دور هام وفاعل في تطور وتنفيذ الآليات القانونية، وإبرام الاتفاقيات الدولية والآليات الملزمة بحماية التنوع البيولوجي.

1 : الآليات التشريعية والقانونية الوطنية لحماية التنوع البيولوجي وضمان استدامته :

لقد كان المشرع المغربي على الدوام في الطليعة بخصوص المجال البيئي، فالترسانة القانونية كانت مزودة بمجموعة من القوانين منذ بداية القرن 20 مثل ظهير 1917 حول استغلال والحفاظ على الغابة، أو ظهير 1934 حول المنتزهات الوطنية. ولقد ركزت هذه النصوص بالخصوص على القنص، الصيد في الأنهار، حماية بعض الأنواع والمناظر الطبيعية، خلق مجالات ترفيهية. وعموما فإن هذه النصوص لم تكن كافية لردع المخاطر المحدقة بالتنوع البيولوجي في الوقت الراهن، لقدمها من جهة ومن عدم السهر على تتبع هذه القوانين والقيام بعملية زجر المخالفين من جهة ثانية، وبالتالي فغالبيتها تبقى على الرفوف دون عملية المراقبة والتتبع وتفعيل القوانين.

لقد أحصت الدراسات الوطنية حول التنوع البيولوجي أزيد من 240 نص قانوني حول التنوع البيولوجي الوطني، وتأتي في المقدمة الأشجار ب 138 نص أي 47% لكن مع غياب أي نص لحماية النباتات البرية رغم المخاطر المحدقة بها. وفي سبيل حماية موارده البيولوجية، إضافة إلى النصوص السالفة الذكر، وقع المغرب على مجموعة من الاتفاقيات الثنائية والإقليمية والدولية أغلبها يهدف إلى حماية والحفاظ على الأنواع البيولوجية، ويمكن إحصاء حوالي 50 اتفاقية وقع عليها المغرب أهمها اتفاقية ريو سنة 1992 ثم صادق عليها بعد ثلاث سنوات.

المحميات البيولوجية بالمغرب:

بعد اتفاقية التنوع البيولوجي بمؤتمر ريو المنعقد بالبرازيل سنة 1992 الذي صادق عليها المغرب بعد أربع سنوات من انعقاده كما سلف الذكر، عمل على توزيع شبكة المحميات الطبيعية لتصل إلى 160 موقعا ذو أهمية بيولوجية وايكولوجية منها 29 منطقة رطبة، ومن أهم هذه المحميات: محمية “سيدي بوغابة”، “المرجة الزرقاء”، محمية “أخنيفيس”، ومحمية “أفنورير”، هذه المحميات الأربع التي دخلت في لائحة اتفاقية المناطق الرطبة ” رمسار” 1980.

وفيما يخص التشريعات والقوانين الموجهة لحماية التنوع البيولوجي في هذه المجالات نلاحظ أنه رغم كثرتها حيث أن عدد النصوص يفوق 250 نصا إلا أنها تعتبر جد قديمة زمنيا، أي قبل الاهتمام العالمي بحماية الحياة البيولوجية في العقود الأخيرة. وترجع النصوص الصادرة بالمغرب بهذا الشأن إلى عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي. وقد تم تجديد بعضها لمسايرة الإيقاع العالمي، ومن التهديدات المرتبطة بهذا الجانب أيضا نجد تعدد القطاعات المسؤولة عن حماية التنوع البيولوجي بصفة عامة والمحميات الطبيعية بصفة خاصة، مما يؤدي إلى غياب التنسيق في هذه القطاعات، وهذا الغياب في التنسيق له نتائج سلبية على الأنشطة المنجزة داخل المحمية.

مغرب العالم: جريدة إلكترونية بلجيكية -مغربية مستقلة