وتتوالى سقطات وزير العدل المغربي، فهل زفت ساعة رحيله

بقلم: ذ. أمين بوشعيب – إيطاليا

كلما استمعت إلى عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب “الأصالة والمعاصرة” ووزير العدل المغربي، تذكرتُ قولته الشهيرة “نحن أسسنا هذا الحزب (يعني حزب الأصالة والمعاصرة) من أجل أن نغيّر تاريخ هذه الأمة”. كان قد أدلى بها أثناء حضوره أشغال المؤتمر الوطني للمنظمة النسائية لحزب “الأصالة والمعاصرة” الذي تم تنظيمه يومي 19و20 ماي 2023 تحت شعار: ” التمكين الشامل للمرأة أساس التنمية والمساواة“.

وقد أثارت هذه العبارة حينذاك موجات من الجدل، وقوبلت بكثير من الاستهجان والردود الساخرة، وجرت عليه وابلا من النقد. والحقيقة أن هذا الوزير كلما تكلم أثار وراءه زوبعة من الجدل والانتقادات، لأنه يتكلم في كل شيء، وقديما قيل: من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه.  

وإذا أردنا إحصاء تصريحات وهبي المستفزة، فحدث ولا حرج، وسنكتفي بذكر بعضها للتدليل على أنها تنمُّ عن انعدام التعقل والرشد، لوزير المفروض فيه أن يكون قد أخذ حظا من الرزانة والعقل والرشد والسداد، لا سيما أنه يمثل وزارة العدل، فقد كان عليه أن يكون عدلا في أقواله، وعدلا في حركاته، وعدلا في ضبط لسانه.

فعندما تفجّرت فضيحة مباراة المحاماة، وأ ثارت ضجة واسعة وتشكيكا في نتائجها، حيث أظهرت أن عددا من الناجحين يحملون ألقابا عائلية متشابهة تنتمي إلى عائلات نافذة ومرموقة لمسؤولين سياسيين وقضاة ومحامين، من بينها عائلة وزير العدل عبداللطيف وهبي نفسه، صرح هذا الأخير للصحافة أن ابنه حاصل على شهادات عليا من كندا، مشيرا إلى أنه رجل ثري جدا، إذ أنه وفّر لابنه الإمكانيات المادية ليدرس في كندا، ويحصل على شهادتين مكّنتاه من النجاح في مباراة المحاماة، وهو تصريح مستفز وغير مسؤول، وكأنه يريد أن يقول للمغاربة: إذا أردتم نجاح أبنائكم فيجب أن تكونوا أغنياء، مطيحا في نفس الوقت من قيمة الجامعة العمومية المغربية، التي يدرس بها أبناء الشعب المغربي المسحوقين”. وكذا قوله إنه لو أُجري فحص إثبات النسب (ADN) على أبناء المغرب، لثبت أن جلهم وُلد نتيجة علاقة غير شرعية، وهو ما اعتُبر البعض “تصريحا خطيرا يمسّ بعرض المغاربة والتشكيك في أرحام النساء المغربيات الحرائر”.

ولعل من أخطر تصريحاته، قوله: إن المثليين أصبحوا يشكلون قوة سياسية واقتصادية ضاربة في العالم، ونحن عاجزون في مجتمعنا العربي والإسلامي، عن مواجهة هذه الظاهرة. وأوضح وهبي، في حوار مع العربية في برنامج “سؤال مباشر” إنه من سخرية الأقدار أن أصبح للمثليين قوة سياسية واقتصادية ضاربة، وأدوات تساعدهم على فرض شذوذهم ومثليتهم، وامتلاكهم الرأي العام. وهو ما اعتبره البعض استسلاما لحركة الشذوذ الجنسي العالمي، ودعوة إلى التطبيع معها، بعدما سخّر كل الإمكانيات -منذ تسلمه منصب وزير العدل- من أجل تقنين الزنا عن طريق إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي الذي يقضي بتجريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، تحت مسمى «العلاقات» الرضائية، وغيرها من تعديلات القانون الجنائي ستساهم في نشر الفاحشة وتفكيك المجتمع وهدم أواصر العلاقات داخله.

تصريحات عبد اللطيف وهبي غير المسؤولة اعتبرها البعض تطاولا على اختصاصات غيره، فقد سبق له أن تجاوز إمارة المؤمنين ودستور المملكة، وتجاوز اختصاصات ودور الفقهاء والعلماء، حيث صرح في المؤتمر الوطني للمنظمة النسائية لحزبه قائلا: «سوف نغيّر كل النصوص، نصوص الزواج والطلاق ومدونة الأسرة والولاية والحضانة».

“ولو كان للوزير وهبي -يقول أحد الفاعلين السياسيين- مسكة من عقل، وشيء من المعرفة التاريخية المتعلقة بشأن مدونة الأحوال الشخصية والأسرية، منذ فجر الاستقلال، لعلم أنه يتطاول على اختصاص الملك، فهو من يعين لجنة ملكية للنظر في مدونة الأسرة، مكونة من العلماء ومن كبار رجالات وفقهاء القانون، لأنها شأن إسلامي صرف، مرتبط بإمارة المؤمنين، فكيف يجرؤ وهبي على هذا الفعل والتطاول على اختصاص الملك؟”
لكنه بعد ذلك، وبعد الزلزال الذي دمر الحوز المغربي مؤخرا، تقمص وهبي دور “وزير خارجية” وتطاول على اختصاصاته، ليعلن للصحافة أن المغرب يرحب بالمساعدات ومواد الإغاثة من الجزائر، وذلك لمساعدة المغرب في جهود إنقاذ ضحايا زلزال الحوز. وهو التصريح الذي وضع المغرب في موقف حرج، بعد أن أعلنت الحكومة الجزائرية تعبئتها ثلاث طائرات ذات سعة كبيرة بغية نقل المساعدات إلى المغرب تتماشى مع الاحتياجات الضرورية لحالات الكوارث الطبيعية”، إلا أن “المدير العام لوزارة الشؤون الخارجية المغربية أبلغ القنصل الجزائري أنه وبعد التقييم أن المغرب ليس بحاجة إلى المساعدات الإنسانية المقترحة من الجزائر”. حسب ما أكدته وزارة الخارجية الجزائرية.

فلاش: “مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ”  كتاب من تأليف الكاتب والباحث الفلسطيني جهاد الترباني، يتحدث عن مائة عظيم من عظماء الإسلام بعد الأنبياء، ويسلّط الضوء على عظماء الإسلام بالمفهوم الشامل وعظماء ما بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، مروراً بالخلافة الراشدة  ومَن بعدهم من عربٍ أو عجم أو بربر وغيرهم إلى يومنا هذا. وذكر من هؤلاء العظماء بعض الصحابة على رأسهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، ومن الملوك هارون الرشيد يوسف بن تاشفين، ومن المجاهدين صلاح الدين الأيوبي وعمر المختار، ومن العلماء عباس بن فرناس وابن تيمة، ومن الشعراء زهير بن أبي سلمى ومن النساء مريم وعائشة وخديجة بنت خويلد. لكني بحثت عن اسم عظيم جاء ليغير تاريخ هذه الأمة اسمه عبد اللطيف وهبي فلم أجد له أثرا. وكما قيل إنه لمن الحمق وعدم الرشد أن يعتقد المرء أنه قادر أن يغير تاريخ أمة، فيجهز على ثوابتها وأصولها، ويغير قوانينها ومراسيمها ليعلن أنه غيّر تاريخ الأمة. لأن تاريخ الأمة لا يغيره إلا العظماء وليس النكرات.



مغرب العالم: جريدة إلكترونية بلجيكية -مغربية مستقلة