تخليدا للذكرى التاسعة والأربعين لوفاة زعيم التحرير المجاهد علال الفاسي رحمه الله، ترأس نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، مساء يومه الأحد 21 ماي 2023 بمدينة وزان، مهرجانا خطابيا وطنيا حول موضوع “العادلة المجالية في فكر الزعيم علال الفاسي”، وذلك في ظل الحضور الوازن لكل من نجلي الزعيم الأخوين عبد الواحد الفاسي، وهاني الفاسي، وباقي أفراد أسرته الكريمة، وعدد من الأخوات والإخوة أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب، إلى جانب وزراء الحزب وعدد من برلمانيي ومنتخبي وأطر ومناضلي ومناضلات الحزب الذين حجوا من مختلف ربوع المملكة.
وبهذه المناسبة، تناول الأستاذ نزار بركة الكلمة، معربا في مستهلها عن سعادته بالمشاركة في هذا المهرجان الوطني الخطابي التخليدي، الذي يأتي تكريساً من حزب الاستقلال لسُنَّةٍ حميدة درج عليها، وفاءً لروح هذا الزعيم الخالد والقائد المجاهد، وتقديرا لما بذله من أجل عِزَّة الوطن وحريته واستقلاله وتثمينا لفكره الخِصب المُتَجدِّد، وحِسِّهِ الاستشرافي الذي أَثْبتَتِ الأيَّامُ والسنينُ، بُعدَ نَظره وصواب نَهْجِهِ الفكري وراهنية نظرياته واختياراته لما ينبغي أن يكون عليه المشروع المجتمعي في وطنه بعد الاستقلال.
كما اعتبر الأخ الأمين العام أن حزب الاستقلال يحيي هذه الذكرى العطرة في أحضان “دار الضمانة” المجاهدة، مدينة وزان، رَمزُ الأمن والأمان والاستقرار، ومَبْعَثُ السكينةِ والصفاءِ الروحي، وقَلْعَةُ الزُّهَّادِ والأولياءِ الذين سَارَتْ بذكرهُم الرُّكبان، مسجلا حرص حزب الاستقلال على مواصلة إبراز مدى تَشَعُّبِ فكر الزعيم الراحل ووفْرَةِ نظرياته وعطاءاته الفكرية، التي طَبعتْ قضايا وطنه المتفاعلة مع سياقات العصر وتحولاته، المستوعبة لمشكلاته وتعقيداته والمواكبة لتطورات المجتمع وتَجَدُّدِ متطلباته وحاجاته، إِنْصَبَّ اختيارنا هذه السنة لموضوع: “العدالة المجالية في فكر الزعيم علال الفاسي” شعارا لهذه الذكرى، لما لهذا الموضوع، من رَاهِنيةٍ تَردَّدَ صداها في العديد من أوراش الإصلاح التي أعطى انطلاقتها ويقودها بكل حكمةٍ وتبصرٍ وبُعدِ نظرٍ جلالة الملك محمد السادس أيده الله، من قبيل، النموذج التنموي الجديد، وورش الجهوية المتقدمة، وورش تعميم الحماية الاجتماعية وترسيخ دعائم الدولة الاجتماعية وغيرها من الإصلاحات الهيكلية.
وأكد نزار بركة أن العمق الترابي والبعد المجالي يأتي في صلب التفكير العلالي كما تَشَرَّبَتْها أدبيات حزب الاستقلال، بحيث لا فَصْلَ بين نهج تقليص الفوارق الاجتماعية، وخيار الحد من التفاوتات المجالية، فَكِلاَهُما خَياران مُتضافِران في إطار تنمية مندمجة ومتوازنة ومستدامة، ضاربا المثل بإحدى مقولات الزعيم علال الفاسي رحمه الله في كتبه ومؤلفاته، ” يجب أن نعمل على أن تتطور المناطق المغربية كُلُّها تطورا واحدا في وقت واحد، حتى لا تُصبحَ في الأمّةِ عناصر متفاوِتة النهوض”، مسجلا أن هذا المثال يبرز الاستشعار الاستشرافي الصادق من الزعيم علال الفاسي بضرورة إرساء عدالة اجتماعية ومجالية مواطنة يَسُودها الإنصاف التنموي، التوزيع العادل للثروات، وضمان تكافؤ الفرص، عدالةٌ ترتكز على إشاعة روح التضامن بين فئات المجتمع، وكافة جِهَات الوطن.
مضيفا أن هذه الأهداف النبيلة التي كافح من أجلها رائد التحرير الزعيم علال الفاسي، هي ما تَعْكِفُ الحكومة التي يعتبر حزب الاستقلال أحد مكوناتها الرئيسية على تحقيقه، من خلال إقرار الضريبة التضامنية التي تُقتطع من أرباح الشركات الصناعية والفلاحية الكبرى بهدف تمويل مشاريع تستهدف الفئات الهشة في المجتمع، إلى جانب إرساء عدالة ضريبية منصفة، عبر تفعيل توجهات ومقتضيات القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي ومراجعة الضريبة على الدخل، بالإضافة إلى تفعيل صندوق التضامن بين الجهات مع ضمان التوزيع المنصف لموارده، واعتماد معايير موضوعية وشفافة لتوزيع عائدات القيمة المضافة بين الجماعات الترابية.
كما سجل الأمين العام لحزب الاستقلال أن هذه التدابير هي عِمَادُ العدالة المجالية في شموليته، كما نَظَّرَ لها ودعا إليها الزعيم علال الفاسي، مبنية على المنظور الشمولي الناضج والاستيعاب الاجتماعي الواسع لقضايا الوطن وتطلعات المواطنين، ضاربا المثل بمقولة للزعيم الراحل حين قال: “إن التفكير شمولياً هو أن نستحضر أثناء اهتمامنا بعمل ما جميع أجزاء البلاد، وعناصر الأمة، إِنَّهُ أَنْ نَنْظُرَ إلى وطننا كَكُل لا يَقْبَلُ التصور إلا كاملاً، وإلى النفعِ كَخيْرٍ لا يمكن تحقيقه إلا شاملاً”.
مؤكدا أنه حرصا من الحكومة على إرساء مغرب الجهات وتكريس العدالة الترابية، فهي ماضية، كما هو وارد في التزامات البرنامج الحكومي، في إعطاء دفعة جديدة وقوية للبرنامج الوطني لمحاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية، ترصيدا للمنجزات والمكتسبات التي تحققت في السنوات الماضية، ومن أجل سد الثغرات المسجلة على مستوى الخدمات الاجتماعية، وإظهار مؤهلات التنمية المحلية والجهوية، وتكثيف التدخلات الهادفة إلى توفير المرافق الأساسية والترفيهية، وتهيئة مناطق مخصَّصَة للأنشطة الاقتصادية المختلفة في المراكز القروية، وهو ما سيساهم في الحد من الفقر والهشاشة، وفي التنمية المحلية للمناطق القروية والجبلية، ودعم وتوسيع الطبقة الوسطى القروية.
كما اعتبر نزار بركة أن الحكومة عازمةٌ على المُضِيِّ في إرساء “مغرب الجهات”، الذي أوصى به النموذج التنموي الجديد تكريسا للعدالة الترابية، وذلك من خلال تسريع أوراش الإصلاح المتعلقة بتوطيد الجهوية، لا كخيار دستوري وديمقراطي فقط، بل باعتمادها كبديل تنموي أيضا، وذلك للرفع من نجاعة السياسات العمومية والتقائيتها على المستوى الترابي والتقليص من التفاوتات المجالية فيما يخص الاستثمارات والولوج للخدمات العمومية الأساسية، وبالتالي انعكاس ذلك على التوزيع العادل للثروة بين الجهات، مع جعل الجماعات الترابية إطارا ملائما لتدبير محكم للسياسة العمومية، وأداة للممارسة الديمقراطية.
مضيفا أن إرساء مغرب الجهات سيمر كذلك على مواصلة تنزيل الأوراش الكبرى المتعلقة بإصلاح الإدارة، خاصة ما يتعلق بالحكامة الجيدة وتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، وتوسيع الخدمات الرقمية وتحفيز مجالات الاستثمار الرقمي بهدف تقليص الفجوة الرقمية وخلق فرص الشغل، وتسريع وتيرة تنزيل ورش اللاتمركز الإداري، بما يضمن تقريب الإدارة والخدمات الإدارية من المواطنين والمقاولات والرفع من مردودية المرافق العمومية ومن جودة خدماتها، مبرزا أن حزب الاستقلال من موقعه في الحكومة، يؤكد للجميع تقاسم القناعة المشتركة والإرادة القوية للعمل، وتقاسم الوفاء بالالتزامات التي تعهد بها في برنامجه الانتخابي والتي هي اليوم جزءٌ لا يتجزأ من البرنامج الوطني