وزير الأوقاف المغربي يعلّقُ فشله على العلماء

أمين بوشعيب/ إيطاليا


خلال الندوة العلمية المشتركة المغربية – السعودية التي نظمها المجلس العلمي الأعلى المغربي، في موضوع “الجهود العلمية المعاصرة لمدافعة الغلو وتحقيق الوسطية” يوم 18 أيار/ مايو 2023 بالدار البيضاء، قال أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية:

“في الوقت الحاضر ضاقت مساحة تأثير العلماء، ولا يمكن استعادة حقهم في فضاء التبليغ الذي تتطلبه الأمة إلا بوضع أسئلة جديدة تساعد على تشخيص الحال، وقد أصبح العلماء كما نرى منافَسين من بعض ذوي النيات الحسنة الذين لا تخلو تصرفاتهم من الغفلة، كما أصبحوا منافَسين من مؤثرين جاهلين أو مغرضين”.


من جهة ثانية دعا التوفيق إلى وضع ظاهرة التطرف والغلو في سياق الحياة الكونية والإقليمية والمحلية التي تظهر فيها هذه الظاهرة، لافتا إلى أن “نضال العلماء المسلمين في المستقبل ينبغي أن يهدف إلى التأثير الإيجابي في الحياة اليومية للناس، فعليّا وعلى نطاق واسع، وذلك في اتجاه عرض شروط الحياة الطيبة كما وردت في القرآن الكريم”.
ونبه إلى أنه “لا يمكن أن يستعيدوا حقهم في فضاء التبليغ إلا بوضع أسئلة جديدة تساعد على تشخيص الحال”. داعيا إلى “النضال مستقبلا وعلى نطاق واسع في مجال التأثير الإيجابي في الحياة اليومية للناس”.


السيد أحمد التوفيق لم يسمّ بالاسم هؤلاء المغفَّلين أو المؤثرين الجاهلين أو المغرضين الذين أشار إليهم، ولعله يقصد كل أولئك الذي يغرّدون خارج سرب وزارته.


اليوم وبعد مرور أكثر من عشرين سنة على توليه منصب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، يأتي السيد أحمد التوفيق ليحمّل العلماء ما أسماه تخلّف الأمة الإسلامية، وانتشار التطرف والغلو في وسط الشباب بسبب تراجع دورهم في المجتمع، وضعف انفتاحهم على مناقشة قضايا العصر، ومن ثم يدعوهم إلى استعادة حقهم في فضاء التبليغ الذي تتطلبه الأمة. لذلك -يقول التوفيق- لا يمكن تحقيق ذلك إلا بوضع أسئلة جديدة تساعد على تشخيص الحال ”.


لكن قبل وضع تلك الأسئلة، يجب أن نسائلكم السيد الوزير عن الحالة المغربية، وعن حال العلماء في الفترة الطويلة التي قضيتها على رأس وزارة الأوقاف:
فمن الذي كان ولا يزال يمنع العلماء والأئمة والخطباء وجميع المشتغلين في المهام الدينية، من الإدلاء بآرائهم في الأمور الدينية والدنيوية؟ ومن كان ولا يزال يصدر في حقهم قرارات التوقيف دون أسباب واضحة أو دوافع علمية منطقية؟
أليس تكميم أفواه العلماء والخطباء من الأسباب؟ أليس الإهانة والتحقير والازدراء بالدِّين الإسلامي، من الأسباب الرئيسية التي تغذي التطرف؟ أليس السكوت على من يتعمد المساس بكرامة الدين وانتهاك حرمته ووضعه موضع السخرية، من الأسباب التي تجعل الناس ينفرون من العلماء الرسميين؟
في الآونة الأخيرة، انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فتاة “غير محجبة” وهي تلقي (محاضرة علمية) على المصلين الرجال في مسجد من مساجد المغرب (قيل إنه مسجد الزاوية الفاسية بمدينة فاس)، صورة هذه السيدة “بدون غطاء رأس وقد اعتلت منبر العلماء، أثارت جدلاً واسعاً وموجة من الغضب العارم بين المغاربة وتساءلوا:

ما هذا العبث في بيوت الله؟ هل لا يوجد وزير للأوقاف أو مسؤول يملك القدرة على السيطرة على الموقف؟ كيف يتم السماح للفتيات الجميلات والنساء المتبرجات بالصعود إلى المنبر والاستهتار بقدسية المكان؟
وهناك من ذهب أبعد من ذلك، واتهم وزير الأوقاف المنتمي لإحدى الطرق الصوفية، بأنه ينفّذ توصيات منظمة “راند” الاستخبارية الأمريكية، التي تدعم التصوف الضالّ الذي يمكن وصفه ب (إسلام كيوت، أو إسلام أمريكي) وذلك تحت شعار التسامح والتعايش.
السيد الوزير عندما يتطاول زميلك في العدل على ثوابت الشعب المغربي، ويطالب بتغيير بعض الشرائع والقوانين لتلائم التشريعات والمواثيق الدولية، وتقف وزارتك عاجزة، ولا تتخذ إجراءات اللازمة لحماية مقدسات المغاربة، وعندما تقف متفرجة بل داعمة لكل من هبّ ودبّ للصعود على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنما تفسح المجال لردود أفعال غير محسوبة من أولئك الذين وصفتهم بذوي النيات الحسنة الذين لا تخلو تصرفاتهم من الغفلة. وهو ما يجعلنا نصدق كل ما يقال حول الأجندات الخارجية التي تنفذها بكل إخلاص.
فلاش: في نفس الندوة التي أشرتُ إليها في هذه المقالة، عاتب وزير الأوقاف العلماء الذين ما زالوا يرجعون أسباب تأخر المسلمين إلى خَلل في العقيدة، فيما أن “جمهور المسلمين اليوم والحمد لله على إيمان فطري صَلَحَ بالعدل واليقين”.

هذا العدل يقول السيد الوزير:

“هو العدل مع النفس أولا ثم العدل مع الآخرين وهو ما لا ينبغي أن يغيب عن العلماء لكون العدل حاجة ضرورية للناس بعد الأمن من الخوف والجوع”


السيد الوزير، أنت تعلم أن الأئمة والمؤذنين والخطباء المنضوين تحت وزارتك لا يحصلون إلاّ على قليل من الدخل لا يكفي لسدّ حاجاتهم وحاجة عائلاتهم اليومية، وهو ما يدفعهم إلى الاحتجاج ، بالرغم من ثراء الوزارة التي تشرفون عليها، فأي عدل هذا الذي تتحدث عنه؟ اعدل أنت أولا في العلماء قبل أن تطالبهم بتبيان ذلك للناس. ولا يسعني إلا أن أذكّرك بقوله تعالى:

“يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون” صدق الله العظيم.

مغرب العالم: جريدة إلكترونية بلجيكية -مغربية مستقلة