و مرة أخرى.. أین غاب و اختفى مجلس الجالیة

بقلم : الأستاذ عبد العزيز سارت


في احتفال بھیج، بمناسبة الذكرى الرابعة و العشرین لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة المغربیة، تقدم لتھنئة جلالتھ كل رجالات الدولة من رئیس الحكومة، و رئیسي غرفتي البرلمان و رئیس المحكمة الدستوریة وعمداء السلك الدیبلوماسي المعتمدون بالرباط و كبار الضباط و مدراء المؤسسات الأمنیة و رجال و أحبار مختلف الدیانات. كان من بین المدعوین و المھنئین رؤساء كل مجالس الحكامة، و التي تمت دسترتھا منذ المراجعة الدستوریة الأخیرة، باستثناء مجلس الجالیة المغربیة بالخارج، لا رئیسھا و لا كاتبھا العام، اللذان،نذكر، اننا نكن لھما كل التقدیر و الاحترام، كباقي أعضاء المجلس الآخرین.
و لكننا ھنا نسائل المناصب و المھام و نستحضر المسؤولیات. و لنا ان نتساءل و نسائل عن ھذا الغیاب، غیاب مجلس الجالیة الذي یصول و یجول كلما تعلق الامر بمبادرات لا تدخل في نطاق صلاحیاتھا. یشمل دلیل ما یقدمھا مجلس الجالیة الموقر، انشطة فلكلوریة و اخرى لإستعراض العضلات بدعم من باحثین مدفوع لھم مسبقا للنفخ في حجمھ من خلال ندوات مسخرة لھذا الغرض، و عبر أبواق الدعایة و المواقع الاجتماعیة والمنابر الاعلامیة الرسمیة و الغیر الرسمیة التي تزیغ عن الحقیقة، و تشھد زورا، كلما طرحت قضایا مغاربة الشتات للنقاش، و في مقدمتھا حقھم في المشاركة السیاسیة ،ترشحا و تصویتا انطلاقا من دوائر انتخابیة بمختلف دول الاستقرار. یعرف الراسخون في العلم، العارفون بخبایا أصول البروتوكول الملكي المغربي و تقالید الدیوان الملكي ما یعنیھ ھذا الغیاب. و بصریح العبارة نقول ان استبعاد رئاسة مجلس الجالیة من السلام على جلالة الملك لیس من علامات الرضا، و یعني ان مجلس الجالیة في صیغتھ الحالیة فقد مصداقیتھ و لم یعد یمثل شیئا و أصبح نسیا منسیا، إلا عند الذین لا زالوا یقتاتون من اكرامیاتھ و فتات موائده و حفلات استقبالھ، و كرمھ المغرض الذي سارت بھ الركبان. سیسجل التاریخ ان مجلس الجالیة لم یكن في یوم من الأیام في مستوى التوجیھات الملكیة. فقد عملت قیادة المجلس على نسف كل لجانھا و إلغاء اجتماعات جمعھا العام. فلا احد یعلم كیف تؤخذ القرارات و متى و باي أغلبیة یتم التصویت علیھا، خلافا للمسطرة المعمول بھا في مجالس الحكامة الأخرى. و قد اجتھدت قیادة المجلس في تعبئة الموارد المادیة و البشریة و اللوجیستیكیة من أجل ھدف واحد ھو المعارضة المطلقة بكل الوسائل لمنع مغاربة العالم من حقھم في المشاركة السیاسیة. و جند المجلس الودادیات القدیمة الجدیدة السیئة الذكر، و الیسار الذي باع ذمتھ و جوقتھ من الذین یدعون، زورا و بھتانا، انھم یدافعون عن حقوق الانسان و لا یقیمون للحقوق السیاسیة لمغاربة المھجر اي وزن، بل یعتبرونھم نكرات یجب إقصاؤھا من دائرة الحقوق السیاسیة و المواطنة.

و فعلا نجح المجلس في حشد موكب من المعارضین للتمثیلیة البرلمانیة لمغاربة المھجر ، و شروه بثمن بخس دراھم معدودة و كانوا فیھ من الزاھدین.
و تبقى الخلاصة ان مجلس الجالیة فشل في القیام بالمھام التي أسس من أجلھا. لقد أضاع المجلس على المغرب و مغاربة المھجر فرصة لم شمل اكثر من خمسة ملایین من مغاربة العالم حول مشروع ادماج الجمیع في ورش التنمیة المستدامة و الانتقال الدیمقراطي و العدالة الاجتماعیة و تعزیز الصف الدیمقراطي و الدفاع عن مقدسات الوطن و ثوابت الأمة وفي مقدمتھا وحدتنا الترابیة. و مع ذلك و رغم أنف المناوئین و المتربصین و المتآمرین على الحقوق السیاسیة لمغاربة العالم ، ضدا على التوجیھات الملكیة و مضامین دستور 2011, سنظل قابضین على الجمر و عاضین على الحدید من اجل تمثیل مغاربة المھجر في البرلمان المغربي بغرفتیھ. ان انتمائنا للمغرب ارضا و ثقافة و حضارة لا نختزلھ في جنسیة و لا مواطنة بل في استعدادنا للتضحیة من أجل ھذا الوطن الخالد مھما تعاقبت الأجیال و بعدت المسافات.
و لھذه الاسباب جمیعھا نأمل تدخلا ملكیا یعید لمغاربة المھجر كرامتھم و حقوقھم السیاسیة المسلوبة. و من الشیم النبیلة ألا نتشفى في مجلس یحتضر، یكفیھ ما ھو فیھ، و ما حصل لھ الیوم من غیاب مریب أثناء الاستقبال الملكي في ھذا الیوم المشھود خیر دلیل على نھایتھ.
فاعتبروا یا أولي الأبصار.

مغرب العالم: جريدة إلكترونية بلجيكية -مغربية مستقلة