مراسلة ف,الحبيب
عودة للإنتخابات بأمريكا الشمالية :
جواد الكعابي، المغربي الذي دخل تاريخ السياسة الكندية كأول مرشح عمدة من أصول مغاربية
ككل مرة عند حلول الإنتخابات بأوروبا وبأمريكا الشمالية، يتابع الرأي العام المغربي والرسميون المغاربة بالخارج عن كتب نسبة المغاربة المرشحين، لكن الإنتخابات السابقة كانت استثنائية، حيث لُفتَ الإنتباه إلى ترشح جذب الأنظار ألا وهو ترشح مغربي لمنصب عمدة المدينة بكندا وخاصة أنه الأول من نوعه.
ففي الوقت الذي تعاني فيه الجالية المغاربية بكندا من ميز عنصري، الذي وصل أقصاه إلى حد أن الحكومة السابقة بالكيبيك قررت وضع استفتاء للحد منه، قرر جواد الكعابي ابن مدينة فاس التحدي وترشحه لمنصب العمدة.
فالسؤال الذي يفرض نفسه، لماذا ترشح جواد الكعابي، في وقت سيطر فيه اليمين المتطرف على المشهد ويسود فيه الإقصاء العنصري بالكيبيك؟ فكان جوابه، أنه يرى المسألة من زاوية أخرى، ألا وهي جعل الكيبيكيين يستأنسون بنا كمواطنين لهم الرغبة في المشاركة في القرار والتسيير، وليس فقط كمجرد مهاجرين مؤقتين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى وجب فتح الطريق أمام الجالية المغاربية للترشح للمناصب الكبيرة، كالترشيح لرئاسة المدن والجهات وعدم الإكتفاء فقط بالترشح للمناصب الصغيرة مثل المستشارين في البلديات والذي ترسخ وأصبح كخارطة طريق، وكأنها فُرضت على الجالية وتلك هي حدودها.
بما أن الدستور الكندي يضمن لجميع المواطنين نفس الحقوق والواجبات، إذن لماذا نمارس سياسة الإقصاء على أنفسنا؟ يُصرح جواد الكعابي المهندس السياسي كما يطلق عليه. فلم ينزل جواد الكعابي للإنتخابات فقط من أجل المشاركة أو حتى الفوز، بقدر ما نزل باستراتيجية وأهداف مستقبلية دقيقة، حيث كان يهذف إلى تحقيق مكتسبات للجالية المغربية، ألا وهي فرض احترام الكفاءات من أصول مغربية من طرف المواطنين الكيبيكيين ذوو الجذور الطويلة، على أن يصبح ترشح المغاربة لمنصب رئاسة المدينة أو لرئاسة الجهة شيئ عادي في أعينهم، كما كان الهدف أيضا هو إعطاء الأمل لأبناء المغاربة للوصول إلى مراكز القرار وليس فقط الإكتفاء بدور الضحية كمثل الذين سبقوننا.
كيف كانت استراتيجية جواد الكعابي إذن؟ لقد ركز كثيرا على الندوات الصحافية، حيث كان في بعض الأحيان ينظم ثلاث ندوات في اليوم الواحد، بحضور مختلف الجرائد والإذاعات والتلفزة المحلية، ولم يتوقف حتى إلى آخر يوم من الحملة الإنتخابية، ستون يوما في الميدان بدون توقف، إلى حين أن بدأت الصحف تصف حملته بالماراطون الإنتخابي، كما قدم أيضا مقررا انتخابيا يتضمن سبعين مشروعا، في حين قدم منافسيه من خمسة إلى خمسة عشر مشروعا، فأثار إعجاب الصحافة والتي لم تتوانى يوما في تغطية أي حضور له، كما أنه أثار انتباه كبار القنوات التلفزيونية بكندا، فكانت عدة روبوطاجات مع راديو كندا و TVA وفي الأخبار الليلية، كما شارك في ثلاث لقاءات جمعته مع منافسيه لرئاسة المدينة، حيث كان كل لقاء يدوم ساعة ونصف، وهذا ما يسميه المهندس السياسي باستراتيجية الإشعاع الصحفي.
فبالرغم من كل الصعوبات التي تفرض نفسها في الإستحقاقات الإنتخابية، نجح السيد الكعابي في جعل المواطنين ينظرون له على أنه المرشح الأكبر للفوز بالإنتخابات، لكن بسرعة ماانقلبت الأمور عندما اقترح بناء قنطرة كبيرة تمر فوق أكبر بحيرة للربط بين جهتي المدينة، فتراجعت حظوظه بالرغم أنه كان بارعا في المشاريع الأخرى كالبيئة، الإستثمار، جلب اليد العاملة، النقل الحضري والجهوي، بناء فروع جامعية، تشييد الطرق (…) لكن كما قال، فالإنتخابات تُلعب لآخر ثانية، خطأ واحد في الدقيقة الأخيرة ممكن بأن يعصف بكل المجهودات.
وشدد على أن مشاركته في الإنتخابات مع تحقيق أهذافه الإستراتيجية هي نجاح في حد ذاته، وأنه اكتسب خبرة جعلته يفهم كواليس ودواليب الترشح والحملة الإنتخابية لمنصب العمدة، وأنه أصبحت لديه الكفاءة لتحضير ثلاث مغاربة على الأقل للفوز بمنصب العمدة.
وفي الأخير أكد لنا جواد الكعابي شُكره وامتنانه للأستاذ الدكتور محمد ضريف، رئيس حزب الديمقراطيين الجدد، الذي زاده ثقة في نفسه عندما عينه سنة 2021، منسقا عاما لمغاربة العالم، وعلى الثقة التي وضعها فيه هو وأعضاء مكتبه السياسي، والذين كانوا قد خصصوا له مكانة خاصة بينهم، “هذه الثقة التي أعطتني شحنة مكنتني للترشح لمنصب عمدة وبدأت الآن أفكر في الترشح لرئاسة الجهة نفسها، ولما لا والذكتور محمد ضريف شخصيا كان قد منحني شرف المنسق العام لمغاربة العالم” هكذا قد ختم حواره معنا ابن مدينة فاس.
* بيوغرافية مصغرة لجواد الكعابي، هو من مواليد مدينة فاس، حاصل على شهادة الماستر المهنية في التقنيات البيوصناعية بفرنسا، قضى 7 سنوات كعضو بهيئة الكيمياء بالكيبيك. كذلك نائب رئيس لجنة تنفيذية لأكبر حزب بالكيبيك سابقا، وكذا مسؤول جهوي سابق على المهاجرين.