أمين بوشعيب/ إيطاليا
شهد المغرب في العقود الأخيرة، تحولات كبيرة مع تقدم ملحوظ في العديد من المؤشرات التي تخص وضعية الأطفال، ففي مجالات البقاء على قيد الحياة والصحة والتغذية على سبيل المثال، أوضح تقرير سابق لليونيسيف بأن معدل وفيات الرضع والأطفال في المغرب قد انخفض من 47 إلى 22.16 حالة وفاة لكل ألف مولود حي، وذلك بين عامي 2003 و 2018، وزاد معدل الولادات من 6.73٪ إلى 86.6٪ بين عامي 2011 و2018.
لكن بعد مرور ثلاث سنوات، وبعد تفشي فيروس كورونا أظهرت معطيات حصرية نشرها أحد المواقع الالكترونية، عن تراجع معدل المواليد الجدد في المغرب، إذ بلغ عدد المزدادين في السنة التي ظهر فيه الوباء 660 ألفا و391 مولودا، مقارنة مع سنة 2019 التي جرى فيها تسجيل 749 ألفا و758 من المواليد الجديد في قوائم الحالة المدنية.
وأوضحت المعطيات، التي حصل عليها الموقع من وزارة الداخلية، تسجيل تراجع في عدد المواليد الجدد، مبرزا أن الأمر قد يكون بسبب تفشي فيروس كورونا. وسجلت أقسام الحالة المدنية 323 ألف مولود ذكر و338 ألف مولود أنثى، وهو رقم -يقول الموقع- إنه منخفض مقارنة بالأعوام السابقة.
وفي نفس السياق، كشفت المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة إحصاء رسمية) في بحث نشرته حول “التوقعات السكانية والأسر المعيشية بين عامي 2014 و2050″، أن المغرب سيسجل في الأعوام المقبلة تراجعا في معدلات الخصوبة، وأن متوسط عدد الأطفال لكل أسرة سيعرف بعض الانخفاض.
هذه المعطيات بقيت فضفاضة دون إخضاعها لدراسة علمية وتجارب سريرية، لمعرفة ما إذا كانت التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا هي التي أثّرت بشكل سلبي على عدد المواليد الجدد، أم أن السبب في ذلك هو جرعات التلقيح التي أُجبرالمواطنون على أخذها، مع العلم أن بعض الباحثين كانوا يتوقعون أن يحدث انفجار ديمغرافي بسبب سياسة الحجر الصحي التي فرضتها السلطات المغربية.
وكانت، في هذا الإبّان، قد انتشرت شائعات كثيرة من أبرزها أن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا لها تأثير على الخصوبة قد تجعل المرء عقيماً مما سبّب قلقا من تلقي التطعيم. فمنذ البداية، قيل بإن على النساء بوجه الخصوص الخشية على قدرتهن الإنجابية، كما تم تقديم تفسير بيولوجي أيضاً، وهو أن الأجسام المضادة التي يتم تكوينها في الجسم بتأثير اللقاح لا تجعل فيروس كورونا غير ضار فحسب، بل تستهدف أيضاً بروتيناً يدخل في تكوين المشيمة في الرحم، لكن القلق -حسب نفس التفسير البيولوجي- لا يقتصر على النساء فقط، بل يمتد إلى الرجال أيضاً، حيث انتشرت أخبار عن الآثار السلبية للتطعيم على القدرة الإنجابية للرجال.
لا بدّ ونحن نعيد طرح هذا الموضوع الذي استأثر باهتمام الرأي العام المغربي، أن نعيد طرح تساؤلات كانت قد أثيرت في إبانها ولا تزال عالقة. تساءل المغاربة حينذاك: هل حكومة أخنوش منخرطة في المؤامرة التي تُحاك ضد شعوب العالم من قِبل الحكومة الماسونية العالمية؟
وتساءلوا: لماذا سارعت الحكومة بشكل مثير إلى الدخول في حملة وطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا، في بادرة مبكّرة إلى عقد اتفاقيتي شراكة بهذا الشأن مع مختبرات أجنبية؟
ثم تساءلوا أيضا: لماذا هددت الحكومة الرافضين للتلقيح، بصعوبة التنقّل والوصول إلى مؤسسات أو خدمات معينة في حال ما لم يُدلوا بوثيقة التلقيح كشرط لذلك، علما بأن وزير الصحة آنذاك، كان قد صرّح بأن الحكومة المغربية لا تنوي فرض التلقيح على المواطنين؟
ويبقى أخطر ما طرحه المغاربة: هو لماذا امتنع بعض المسؤولين الحاليين أو السابقين من أخذ جرعات اللقاح، لماذا لم يتلقّ رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش، ورئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران أي جرعة من جرعات اللقاح أمام عدسات الكاميرات؟
هذه بعض الأسئلة التي طرحها المغاربة ما يزيد عن سنتين، ولا تزال بدون جواب بسبب صمت الحكومة، الشيء الذي يعزز نظرية المؤامرة، وأن فيروس كورونا سلاح بيولوجي من صنع جهة سرية، لتحقيق أهداف غامضة وخفية قد يكون من بينها تحديد النسل، للحد من تنامي أعداد السكان الذي تخطّى حاجز 8 مليارات نسمة، وأن حكومة أخنوش منخرطة في هذه المؤامرة.
فلاش: أعيش في إيطاليا لأكثرَ من عقدين ونصف من الزمن، وخلال تلك الفترة تعرفتُ على عادات وتقاليد الشعب الإيطالي، وكذا نمط عيشه. ومن العادات التي لأثارت اهتمامي، أن الإيطاليين يرفعون أعلاما على مساكنهم للدلالة على أن هناك مولود جديد قد ازداد في بيت من تلك البيوت التي رفع عليها العلم. والطريف في الأمر أننا كنا نعرف نوع المولود من خلال تلك الأعلام، إن كان ذكرا، أو أنثى؟ وذلك من خلال لون العلم المرفوع. فالمولود الذكر له لون والمولود الأنثى له لون. بل فقد كنا نعرف أيضا مَن مِن السكان قد حصل على شهادة عليا ( دكتوراه أو ماجستير في مجال من المجالات العلمية او الأدبية ..) من خلال لون العلم المرفوع على المسكن.
بعد تفشي فيروس كورونا لم نعد نرى تلك الأعلام التي تحصي عدد الولادات بالشكل الذي عرفناه من قبل، خصوصا في السنتين الأخيرتين الماضيتين، حيث انخفض العدد بشكل ملحوظ، وهو ما يعني انخفاض عدد المواليد، الشيء الذي جعل الإيطاليين يطرحون علامة استفهام كبرى حول تأثير لقاحات كورونا على الخصوبة، مع العلم أن الشعب الإيطالي شعب يحبّ الحياة ويقبل على مباهجها بشكل كبير.