في ظل حالة الغضب الشعبي والتذمر العارم من أداء حكومة عزيز أخنوش، يجد الشارع المغربي نفسه أمام واقع يتناقض مع الشعارات البراقة التي رفعتها الحملة الانتخابية لحزب التجمع الوطني للأحرار، هذه الوعود التي رُوج لها كأنها طوق النجاة للمغاربة سرعان ما تهاوت أمام الأزمات المتتالية التي تعصف بالبلاد، بدءًا من الغلاء المستفحل وصولًا إلى ملفات الفساد التي أضحت عنوانًا عريضًا لهذه الحكومة.

أخنوش الذي صعد إلى كرسي رئاسة الحكومة مستفيدًا من حالة السخط الشعبي ضد حزب العدالة والتنمية، قدّم نفسه وحزبه كبديل قوي وقادر على قيادة البلاد نحو التنمية، غير أن الواقع أظهر عكس ذلك بعدما تبددت الوعود أمام أزمات الغلاء، وتضارب المصالح، وتفاقم مظاهر الاحتكار. بل إن الحكومة الحالية أظهرت عدم قدرتها على مواجهة ملفات الفساد التي تنخر الاقتصاد المغربي، وسط تقارير دولية تكشف تراجع المغرب في مؤشر الشفافية الدولية للفساد، حيث حلّ في المرتبة 97 عالميًا لسنة 2023، متراجعًا بثلاث مراتب مقارنة بسنة 2022.
عناوين الفساد في عهد أخنوش لا تعد ولا تحصى؛ من قضية “تذاكر المونديال” إلى “امتحان المحاماة” و”صفقة تحلية مياه البيضاء”، كل ذلك يكشف عن واقع مخيف لفساد متجذر أصبح مستفحلًا في مختلف القطاعات. ورغم التحذيرات الصادرة عن جمعيات حماية المال العام، لا تزال الحكومة تتعامل مع هذه الفضائح بسياسة دفن الملفات، مستغلة ضعف الذاكرة الشعبية وتوالي الفضائح لإلهاء الرأي العام.
الأخطر من ذلك هو أن الفساد لم يعد مجرد ظاهرة بل أصبح سياسة غير معلنة للحكومة، فقرار وزير العدل عبد اللطيف وهبي بإلغاء مشروع تجريم الإثراء غير المشروع يمثل إشارة واضحة على تواطؤ سياسي مع المفسدين. وهو ما وصفته الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة بأنه خطوة لخلق بيئة مطبعة مع الفساد، حيث صارت مؤسسات الدولة عاجزة عن اتخاذ إجراءات فعالة لمكافحة هذه الظاهرة التي تُكبّد الاقتصاد المغربي خسائر تصل إلى 5000 مليار سنتيم سنويًا، أي ما يعادل 5% من الناتج الداخلي الخام.
وقد جاءت تصريحات أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط السابق، كصفعة للحكومة عندما كشف عن زيف أرقامها الاقتصادية، مؤكدًا أن التضخم الذي يعاني منه المغرب هو نتيجة مباشرة لسياسات حكومية خاطئة، وبدلاً من الرد بعقلانية، لجأت الحكومة إلى شيطنة الحليمي عبر حملات منظمة قادها بعض الوزراء والمقربين من رئيس الحكومة، في محاولة يائسة للتشكيك في مصداقيته.
ولم ينتظر حزب الأحرار اقتراب الانتخابات لتبدأ فصول الكذب السياسي؛ فمنذ تنصيبها، لم تقدم حكومة أخنوش سوى وعود وهمية وإنجازات غير ملموسة، وسط أزمات متفاقمة تضرب الاقتصاد المغربي وتزيد من معاناة المواطن البسيط، في ظل غياب إرادة حقيقية للإصلاح ومواجهة التحديات.
المستقل