أثار قرار الإغلاق الجزئي للحمامات في المغرب 3 أيام أسبوعيا استياء كبيرا لدى العاملين، وعند عامة المغاربة الذين اعتادوا على ارتياد هذه المرافق للاستحمام.
ويترك القرار الذي اتخذته السلطات المغربية من أجل تجاوز تداعيات الجفاف ومشكلة ندرة المياه، تداعيات كثيرة على هذا القطاع الذي يضرب بجذوره في الثقافة المغربية.
وأثار هذا القرار استياء المغاربة، الذين دأبوا على الذهاب للحمام بشكل أسبوعي كواحد من أهم الطقوس للطهارة والنظافة، والمرض والتعافي.
وعلى إثر قرار الإغلاق المفاجئ للحمامات الذي اتخذته السلطات المغربية، قال ادريكيس لمحجوب، مستأجر حمام في حي شعبي بالدار البيضاء، إن قطاع الحمامات في المغرب يعيش فترة نقاهة منذ زمن كورونا، خاصة أن بعض الحمامات لازالت مغلقة منذ ذلك الحين.
وأكد المتحدث لـ “العربية.نت” أن قرار الإغلاق جاء بدون مراعاة الظروف الاقتصادية للعاملين.
وأضاف قائلا إنه مضطر إلى دفع الإيجار للمالك، والأجور للعمال، مهمها تغيرت الظروف، موضحا أن القانون لا يعفيه من الدفع.
إلى جانب ذلك، قال المحجوب إدريكيس: “تعرضت للخسارة هذا الشهر، إغلاق الحمام ثلاثة أيام يعني أنني أعمل مدة 18 يوما، وخلال 12 يوما أخرى أكون مجبرا فيها على شراء الخشب وتدفئة الحمام حتى لا تنخفض درجة حرارته، لأن الزبون إذا وجد الحمام باردا لن يأتي إليك مرة أخرى”، مشيرا إلى أن تكلفة الخشب تتطلب يوميا 50 دولارا”.
وأوضح إدريكيس أن الضرر لم يصب فقط أرباب الحمامات والزبائن بل لمس أيضا فئات أخرى كبائعي مستلزمات الحمام والخشب، وكذلك العاملين في الحمام الذين يعيشون على إكراميات العملاء.
وذكر أن القرار قد يتسبب في أزمة بيئية، حيث إن بقايا أوراش البناء والأشجار والنجارة كانت تستخدم في تدفئة الحمام.
وأكد أن العمل في قطاع الحمامات له دور كبير في الاقتصاد المغربي، خاصة أن العاملين يحصلون على حوالي نصف أرباح القطاع.
وفي سياق آخر، يقول لحسن أيت المغروس، باحث في علم الاجتماع والتراث والثقافة الشعبية، لـ”العربية.نت” إن علاقة المغاربة بالحمام هي علاقة وجدانية مرتبطة بالثقافة الشعبية، يحضر فيها المعطى النفسي والاجتماعي والديني، وذلك لما تشكله ثنائية المسجد والحمام في المعتقد الشعبي، من خلال تطهير الجسم وأداء الصلوات.
ويستحضر الباحث المغربي، المثل الشعبي المغربي “دخول الحمام ماشي بحال خروجه”، لكونه الأكثر تعبيرا عن تأثير الحمام على نفسية المغاربة الذين اعتادوا على زيارته بشكل أسبوعي أو يومي كواحد من أهم الطقوس ومعايير الاسترخاء والنظافة والراحة النفسية والجسدية، وفرصة للتداوي بالعلاج الطبيعي والطب البديل.
ويضيف لحسن أيت المغروس أن الحمام بالنسبة للمغاربة هو ذلك المتنفس الاجتماعي للنساء لمناقشة مواضيع الخطبة والزواج والطلاق وكل ما يهم الأسرة، وكذلك للترفيه وتبادل الأخبار والخبرات.
ويشير الباحث إلى أن هذا الارتباط الروحي للمغاربة بالحمام يعود للقرون الوسطى، حسب ما اكتشفه الأنثروبولوجين في مدينة أغمات العريقة، الواقعة بالقرب من مدينة مراكش جنوب المغرب، حيت تم اكشتاف أقدم الحمامات في العالم.
غير أن الحمامات في المغرب ارتبطت جذورها تاريخيا، وفق ما أكده الباحث، بحياة الملوك والسلاطين، والنخب التي كانت تمتلك الرفاه الاقتصادي، لتصبح فيما بعد متاحة لعامة الشعب، ومجالا لاستثمار التجار والطبقات البورجوازية، وانتقلت من السلاطين والنخب إلى الأحياء الشعبية مقابل أداء مادي يختلف حسب جودة الحمامات.
وخلص لحسن أيت المغروس، الباحث في علم الاجتماع والتراث والثقافة الشعبية، إلى أن الحمامات في المغرب لها دور اقتصادي مهم، كما تشكل مورد رزق الكثير من الأسر المغربية التي تقتات عليها بدءا من موزع الخشاب إلى العامل في مخزن التدفئة إلى بائع الصابون، والإغلاق الجزئي يتسبب في إفقار العديد من الأسر.
وكالات