
مغرب العالم / بروكسل
الصحافي : يوسف دانون

لم يعد تطبيق (تيك توك) اليوم مجرد منصة ترفيهية أو وسيلة للتعبير عن الموهبة كما وُلد في بدايته، بل تحوّل للأسف إلى سوق مفتوح للعرض والطلب، وساحة للدعارة المقنّعة والقوادة الرقمية، حيث صار الجسد سلعة، والعفة مجرد ذكرى في زمن تاهت فيه القيم وغابت الأخلاق.
في هذا العالم الافتراضي المنحرف، تُباع المبادئ لمن يدفع أكثر، وتُقاس الكرامة بعدد المتابعين، وتُوزّع الأدوار بين من يعرض ومن يسوّق ومن يدير الحسابات كما لو كانت شركات للفساد المنظّم. لا حدود ولا خطوط حمراء، فكل شيء أصبح مباحًا من أجل المال، وكل شيء يُغتفر ما دام الحساب كبيرًا والمتابعون كُثر.
ما نراه اليوم على تيك توك ليس فنا ولا إبداعًا، بل سقوط أخلاقي جماعي تحت شعار الحرية والتعبير. فتيات يبعن صورتهن وحركاتهن، وشباب يتاجرون بأجسادهن، ومتابعون يتهافتون على المشاهدات كأنهم يشترون بضاعة في سوق النخاسة الحديثة. إنها القوادة الرقمية بعينها، مغلّفة بالضحكات والموسيقى والفلاتر.
لقد أصبح المال ربًّا جديدًا يعبدونه، يطاردونه بكل الوسائل حتى لو على حساب الكرامة والحياء. ومن المؤلم أن نرى جيلا بأكمله يعتقد أن الشهرة هي الطريق إلى المجد، ولو كانت مبنية على الانحطاط. لا رقابة، لا رادع، ولا خوف من الله.
أين هي العفة التي كانت تاج المرأة؟ أين هو الحياء الذي كان زينة الرجال والنساء؟ ضاع كل ذلك في زحمة التحديات الفارغة والبثوث الليلية، حيث يُباع الشرف مقابل هدية افتراضية ورقم في محفظة إلكترونية.
إن ما يحدث اليوم على (تيك توك) ليس مجرد انحراف سلوكي، بل كارثة أخلاقية تهدد المجتمع في صميمه. يجب أن تتحرك القوانين، ويستيقظ الضمير الجمعي، وتتحمل الأسر مسؤوليتها قبل أن نصبح أمة بلا حياء، بلا حدود، وبلا روح.
لقد آن الأوان لإغلاق أبواب الدعارة الرقمية، وفضح سماسرتها ومروّجيها، فالوطن الذي يرضى بانهيار أخلاق شبابه، هو وطن يسير نحو الهاوية.

