الصحافي فؤاد السعدي
تشهد مهنة الصحافة في المغرب مرحلة من الارتباك غير المسبوق، حيث تحولت النقاشات حول التنظيم الذاتي للمهنة إلى مواجهات علنية تعكس حالة التخبط التي يعيشها القطاع تحت إدارة يونس مجاهد وعبد الله البقالي. هذا المشهد يعكس أزمة أعمق تتعلق بغياب رؤية واضحة وإدارة حكيمة لتسيير شؤون الصحافة والنشر، ما يضع مستقبل المهنة على المحك.
الأحداث الأخيرة كشفت عن تصدعات كبيرة داخل الجسم الصحافي، خاصة بعد إصدار النقابة الوطنية للصحافة المغربية بيانًا شديد اللهجة ينتقد “بدعة النظام الخاص”. هذه الانتقادات ليست مجرد موقف معارض، بل تعبير عن استياء عميق تجاه طريقة إدارة اللجنة المؤقتة. فبدل العمل على تصحيح المسار، يبدو أن القيادة الحالية تفضل التمادي في سياسات لا تخدم مصلحة الصحافيين ولا تحترم التشريعات المنظمة للمهنة.
القيادة الحالية للجنة المؤقتة للأسف، والتي من المفترض أن تحمي تنظيم المهنة، أصبحت جزءًا من الأزمة. يونس مجاهد ومعه عبد الله البقالي لم يقدما ما يبرر استمرارهما في قيادة القطاع. ومحاولاتهما اليائسة لإقناع أعضاء اللجنة بالرد على انتقادات النقابة تعكس غياب الشفافية وتجاهل قواعد العمل الديمقراطي. المثير للانتباه أن بعض أعضاء اللجنة، الذين يتمتعون بخبرة قانونية، يرفضون هذه المحاولات، ويؤكدون أن القانون يجب أن يكون المعيار الحاكم للعمل داخل اللجنة.
بالأضافة الى ان غياب الحوار الحقيقي والإشراك الفعلي في صنع القرارات يزيد الوضع سوءًا. النقابات، بصفتها الممثل الشرعي للصحافيين، لها الحق الكامل في التعبير عن رأيها وانتقاد عمل اللجنة المؤقتة. هذه الانتقادات ليست هجومًا شخصيًا، بل تدخل في صلب العمل النقابي، ما يتطلب استجابة مدروسة وشفافة بدلاً من ردود فعل متسرعة تزيد من تأزيم الوضع.
ومن المنتظر أن يكون عام 2025 عامًا حاسمًا للصحافة في المغرب، حيث تشير التوقعات إلى أن طلبات البطاقة المهنية لن تمر بسلاسة. ومجموعة من الصحافيين يعتزمون تقديم تظلمات ضد قرارات اللجنة، بل واللجوء إلى المحكمة الإدارية. هذه التحركات تكشف عن أزمة ثقة حقيقية داخل القطاع، وتؤكد أن المشكلة ليست مرتبطة بأفراد معينين بقدر ما هي متعلقة بنهج إدارة كامل يحتاج إلى إصلاح شامل.
استمرار الوضع الحالي يثير استغراب الرأي العام الصحافي. وبالتالي كيف يمكن أن يظل قطاع بأكمله رهينة لإدارة تسببت في تصعيد الأزمات وخلق مشاكل عميقة؟ أليس من الأجدر أن تفسح القيادة الحالية المجال لجيل جديد برؤى وأفكار مختلفة؟
القطاع اليوم بحاجة ماسة إلى إصلاح جذري يبدأ بالمحاسبة الشفافة وإعادة بناء الثقة بين الصحافيين وممثليهم. إذ لا يمكن الاستمرار في الحلول المؤقتة التي تزيد من تعقيد الأوضاع. مستقبل الصحافة في المغرب يتطلب تغييرات جوهرية في النهج المتبع لضمان حماية هذه المهنة الحيوية واستعادة مكانتها كصوت للمجتمع.