الأستاذ إدريس رحاوي
في زحمة العولمة وتداخل الأصوات، يظل الإعلامي صوت الحقائق والوقائع الذي يعبر عن الأمم والشعوب. ومن بين هؤلاء الإعلاميين، يبرز أبناء المغرب الذين يعملون في كبريات المؤسسات الإعلامية الدولية، يشكلون ترسانة قوية من المهارات والخبرات التي يمكن أن تحدث فرقاً في تطوير الإعلام الوطني وربط المغرب أكثر بالساحة الدولية. فهل آن الأوان للاستفادة منهم وتقديم الدعم اللازم لتحقيق هذا الحلم؟
عندما نتحدث عن “الإعلام المغربي في الخارج”، فإننا نتحدث عن مئات الإعلاميين المغاربة المنتشرين في مختلف بقاع العالم، سواء في أوروبا أو أمريكا أو دول الخليج. هؤلاء الإعلاميون ليسوا مجرد أفراد، بل هم كنز من التجارب المهنية التي تراكمت على مدى سنوات. يعملون كمراسلين، مقدمين، منتجين، ومستشارين استراتيجيين في مؤسسات دولية مثل “بي بي سي”، “سي إن إن”، و”فرانس 24” والجزيرة “رغم بُعدهم عن الوطن، إلا أن ارتباطهم بترابه لم ينقطع، بل بقي أقوى مما نظن.
الخبرة التي يتمتع بها هؤلاء الإعلاميون ليست مجرد خبرة مهنية، بل هي معرفة عميقة بأساليب الإعلام الحديث، من حيث التقنيات والأساليب التحريرية، بالإضافة إلى القدرة على التأثير في الرأي العام الدولي. هم بمثابة جسور تصل بين المغرب والعالم، ولكن للأسف، نجد أن المغرب لم يستثمر بشكل كافٍ في هذه الفئة. لا توجد برامج أو مبادرات فعالة لدمجهم في تطوير الإعلام الوطني أو للاستفادة من خبراتهم في تعزيز صورة المغرب دولياً.
لقد أضحى من الضروري اليوم أن يفتح المغرب نقاشاً جاداً مع هؤلاء الإعلاميين. من خلال منتديات وورشات عمل وتعاون مشترك، يمكنهم المساهمة في تطوير الإعلام المغربي بشكل يتناسب مع التحديات الحديثة. إن فتح الباب أمام هؤلاء الإعلاميين لتقديم مشوراتهم ومشاركتهم في تخطيط استراتيجيات إعلامية وطنية سيكون خطوة هامة نحو إعلام أكثر انفتاحاً وتقدماً.
الإعلاميون المغاربة في الخارج هم كنز لا يقدر بثمن. ومع أن بعضهم يعمل بعيداً عن الأضواء في مؤسسات عالمية، إلا أن بصمتهم واضحة في المجالات التي يعملون بها. حان الوقت لكي نعيد النظر في دورهم ونسعى جاهدين للاستفادة من تجاربهم وخبراتهم. إن فتح حوار جاد ومباشر مع هذه الفئة سيكون مفتاحاً لتحقيق إعلام مغربي أكثر فعالية وتأثيراً في المستقبل.