بقلم: الصحافي بوشعيب امين- إيطاليا
تابعت خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن، يوم الثلاثاء الماضي، بعد “طوفان الأقصى” وهو يصف الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية على إسرائيل في مطلع هذا الأسبوع بأنه عمل إرهابيّ “من أعمال الشر المطلق”. “وأضاف بأن ما قامت به المقاومة الفلسطينية “يذكرنا بأسوإ ما قامت به داعش”، معتبرا أن “هذا الهجوم جلب ذكريات مؤلمة وندوبا نتجت عن معاداة السامية والمذابح التي تعرض لها الشعب اليهودي” وأكد أن الولايات المتحدة “مستعدة لتقديم كل المساعدة اللازمة لدعم حكومة إسرائيل وشعبها”، ولإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها”
بدا الرئيس الأمريكي، وهو يلقي خطابه الذي لم يتعدّ دقيقتين، بوجه كالح وحزين ارتسمت عليه صدمة غير متوقعة من هول ما حدث لمواطنيه الأمريكيين (منهم من قُتل ومنهم من وقع في الأسر) وما حدث لإخوانه الصهاينة في ذلك اليوم المشهود، الذي سطّرته أيدي المقاومة الفلسطينية بماء الذهب ليبقى شاهدا على التاريخ، والتي مرّغت أنف قوى الاستكبار في التراب.
لا أستغرب ردة الفعل هاته، ف”جو بايدن” يفتخر بكونه صهيوني، ففي إحدى المقابلات مع (CNN) صرح قائلا: “إذا كنت يهوديا فسأكون صهيونيا. والدي أشار إلى أنه لا يشترط بي أن أكون يهوديا لأصبح صهيونيا، وهذا أنا.. إسرائيل تعتبر ضرورية لأمن اليهود حول العالم.”
بايدن خائف على إسرائيل من الزوال، لذلك فهو يضع كل الإمكانيات اللازمة للحؤول دون ذلك، وقرر نشر سفن وطائرات عسكرية بالقرب من إسرائيل لحمايتها من «أي جهة أخرى معادية لها من السعي لاستغلال الوضع» وهنا ينبغي أن يُنظر إلى هذا الوعيد على أنه إشارة إلى إيران، التي تدعم حركة حماس وحزب الله اللبناني.
بايدن وهو يردد ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية عن عثور الجيش الإسرائيلي على 40 طفلًا مقطوعي الرؤوس عل يد مقاتلي حماس، يكون قد أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل في استخدام جميع وسائل الدمار الشامل لتدمير غزة وتهجير أهلها منها، ورغم النفي الرسمي الإسرائيلي نفسه لهذه الرواية، فإنّه ظل يردد الرواية ذاتها، ليبرر ما ستقوم به إسرائيل من جرائم ومجازر ضد الفلسطينيين. وهو ما حدث بالفعل مع دخول عملية “طوفان الأقصى يومها السادس، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي، أنه أسقط نحو أكثر ستة آلاف قنبلة مدمّرة، على قطاع غزة منذ بدء الغارات المكثفة المتواصلة، أدت إلى تدمير أحياء سكنية بكاملها وقتل آلاف المدنيين أغلبهم من الأطفال والنساء.
إن ما يحدث في غزة من تدمير وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني-كما فعل أجداده ضد الهنود الحمر في أمريكا- يتحمّل فيه بايدن مسؤولية كبيرة، لأنه يدعم القتلة الصهاينة المتعطشين للدم، ويشعل نيران الحرب، ويهدد القانون الدولي والحقوق العادلة للشعب الفلسطيني صاحب الأرض. ولعل النائبة في الكونغرس الأمريكي «مارجوري تايلور» كانت صادقة حين وصفته ذات مرة بقولها: “إن بايدن هو هتلر العصر الحالي، ويمثل خطراً علينا جميعاً، ويجب أن تتم إقالته من منصبه”
لكني أتساءل: حين كان بايدن يلقي كلمته، أين كان الحكام العرب؟ أين كانوا وهم يروْن رايات الغرب الداعمة لإسرائيل قد انعقدت دعما لإسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين؟
لقد كانوا يدبجون بمداد الخزي والعار بيانا جبانا، كانت أبرز مخرجاته إدانة للجانبين: الفلسطيني والإسرائيلي. فيما تمّ تغييب ما تقوم به إسرائيل من تدمير وحصار لغزة وما تنفذه من مخطط لتهجير السكان منها وهو ما يعتبر «إبادة جماعية” وفقا لمقتضيات القانون الدولي الإنساني.
هذا البيان الرعديد الذي تضمن أحد عشر بندا تحت عنوان “سبل التحرك السياسي لوقف العدوان الاسرائيلي وتحقيق السلام والأمن” لم يرُق لإسرائيل فجاء الرد سريعا على لسان المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، حيث قال: “إن جميع اتفاقات السلام مع المنطقة العربية متوقفة جانبا في الوقت الحالي حتى تنهي تل أبيب حربها على حركة حماس الفلسطينية”. وأضاف ذات المتحدث في تصريح لإحدى الصحف المغربية أن “تل أبيب ليس لها مشكلة في وجود دول تدعم الشعب الفلسطيني وفي الوقت نفسه تدين الإرهاب كما هو الحال لدى المملكة المغربية”. وكأن إسرائيل تقول للحكام العرب، كما كتب أحد النشطاء المغاربة: “انتظروا في الكراسي جنب البواب في انتظام وسكون حتى تفرغ من تقتيل الشعب الفلسطيني وتعالوا لتنظيف أسناننا ومخالبنا من لحمهم ودمهم، ثم نواصل السلام. فهل من ذلال لأنظمة التطبيع أكثر من هذا؟
فلاش: شهدتُ يوم أمس صلاة الجمعة بأحد مساجد المملكة، وقد كنت ساذجا حين بقيت أنتظر أن يخصص الإمام خطبته أو جزءا منها، حيث ذهب انتظاري، لكني قلت في نفسي لعله سيدعو لأهل غزة بالنصر والثبات ويدعو على العدو الصهيوني الغاشم. أحد الأصدقاء أخبرني فيما بعد أن أحد العلماء المغاربة كتب على منصة إكس “تويتر سابق” بأنه في الوقت الذي يحشدون التعاطف مع الظالم المحتل، تمنع وزارتنا الدينية خطباء الجمعة من مجرد الحديث عما يحدث للمظلومين من إخوانهم” ياللعار!
لكن ما أثلج الصدر بعد ذلك، هو أن الشعب المغربي كانت له كلمة أخرى، فمباشرة بعد صلاة الجمعة، خرج أمام العديد من المساجد بمختلف المدن المغربية، ليجسّد وقفات احتجاجية حاشدة، تنديدا بالعدوان الصهيوني على الفلسطينيين، ودعما للمقاومة الفلسطينية الباسلة. وردّا على الموقف الرسمي المغربي المتخاذل رفع المشاركون الأعلام الفلسطينية واللافتات الداعمة لمعركة طوفان الأقصى وللقضية الفلسطينية، مؤكدين أنها قضية وطنية، وردّدوا شعارات وهتافات منددة بالتطبيع مع الصهاينة، والمطالبة بالتراجع عنه وإسقاطه، بل وتجريمه، لكونه يشكل دعما إضافيا للاحتلال من أجل التمادي في جرائمه.