بقلم : ذ. ابو بدر العرايشي
“برنامج مقاولتي” مبادرة أطلقتها الحكومة المغربية، في وجه الشباب الراغبين في التشغيل الذاتي، الذي رُفع له في مرحلة الانطلاق شعار “30 ألف مقاولة من أجل 90 ألف منصب شغل ما بين 2006 و2008″، واكبه تفاعل إيجابي وكبير من طرف الراغبين في إنشاء مقاولات تضمن لهم ولذويهم مداخيل قارة، محاولين الاستفادة من برنامج حكومي تجنّدت له مجموعة من مؤسسات الدولة، بهدف تخفيف العبء على القطاع العام.
بعد بداية تعثر البرنامج بعددٍ من المدن، ولجوء المؤسسات البنكية إلى المحكمة لمتابعة المستفيدين من القروض، كانت مفاجئة لم ينتظرها حاملي المشاريع في برنامج مقاولتي، وان المبادرة المقاولاتية ستجرّهم إلى مراكز الشرطة والدرك الملكي والمحاكم والسجون، ولم يكن أكثرهم تشاؤما يعتقد أن المقاولة التي ربط بها أحلامه وآماله في تحسين معيشته ستتحوّل إلى كابوس يقضّ مضجعه، بعدما صار عدد من مقاولي “مقاولتي” متابعين من طرف المؤسسات البنكية، وملاحقين من طرف القضاء، ومطلوبين بمذكرات بحث وطنية.
* مآسي ضحايا حاملي المشاريع بالعرائش
أن مجموعة من ملفات ضحايا مقاولتي وصلت إلى المحكمة، وأن القضاء يتابعهم بحسب الحالة وقيمة القرض وغيرها من المعايير، دون إدخال باقي الأطراف والمؤسسات المعنية في الملف، مؤكدة أن المحاكم اكتفت بتحريك المسطرة القضائية ضد الضحايا بناء على علاقتهم الاقتراضية بالمؤسسات البنكية، دون الأخذ بعين الاعتبار برنامج “مقاولتي” الذي تغيب فيه الضمانات الكفيلة بحماية المنخرطين فيه.
إن الحصول على القرض مرتبط بإنشاء شركة، مما دفع عددا من حاملي المشاريع إلى كراء مقرات وتجهيزها، فتراكمت عليهم الديون قبل انطلاق مقاولاتهم.
كما لم يُسمح لهم بالتفاوض حول نسبة الفائدة عن القروض، ولم يتمّ تحديد مسؤوليات في حالة تعثّر أو فشل مقاولتهم، كيفية تسديد الديون.
ومن الإكراهات و المشاكل التي واجهت حاملي المشاريع هي:
– عدم وضوح برنامج “مقاولتي” في توفير المتابعة والتكوين والمواكبة للمشاريع من طرف مختلف الأطراف المعنية.
– عدم التزام المؤسسات البنكية بأهداف برنامج مقاولتي، وعدم احترامها لأجل التسديد المحدّد في سنتين.
– غياب المرافقة والمصاحبة في التسيير الإداري و المالي.
– التأخر غير المبرر في الموافقة على مشروعه، وتأخر الدفعات المالية والتباعد بينها، وإعطاء مبلغ استثمار أقل بكثير من دراسة الجدوى
– انعكاس مشاكل منخرطين في مقاولتي على أسرهم، وصلت إلى الطلاق والتفكك الأسري.
– هروب والهجرة إلى خارج البلاد خوفا من السجن والحجز والمتابعات القضائية.
– تهديد بالسجن إذا لم يسدد ما بذمة المقاولين من مبالغ مالية
تتسائل مجموعة من حاملي المشاريع حول الدعم الأمريكي لتحدي الألفية، الموجه الى حاملي المشاريع؟ مع العلم أن المبادرة الأمريكية، وهبت مبلغ يقدّر بـ 700 مليون دولار، ليستفيد منها 700 مقاولة على الصعيد الوطني.
الحكومة المغربية حصلت على الدعم وتمويلات من هيئات وحكومات دولية، من أجل دعم المقاولات الصغيرة والدفع بالتنمية، لكن للأسف في إطار برنامج مقاولتي تمّ توريط مقاولين شباب، دون أن تتحمل الحكومة المغربية مسؤوليتها تجاه المقاولين
أين نحن من ميثاق المقاولة الصغرى و المتوسطة، المتعاقد بين الدولة والوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولة الصغرى والمتوسطة لدعم المبادرة المقاولاتية، وفي تطوير تنافسية ونمو المقاولات الصغيرة عبر عمليات للدعم والاستشارة والخبرة التقنية من جهة وعمليات دعم الاستثمار لفائدة المشاريع ذات القيمة المضافة والتي تساهم في خلق مناصب الشغل.
لم تُفلح السياسات الحكومية في الحد من إفلاس المقاولات الصغرى بالمغرب، والتي تعتبر الأكثر عُرضة للإفلاس، فقد واصل عدد المقاولات المفلسة الارتفاع خلال السنة الماضية بنسبة تجاوزت 17 بالمائة مقارنة بسنة 2021.
أفلست 12 ألفا و397 مقاولة بالمغرب سنة 2022، وفق دراسة لمكتب “إنفوريسك”، بزيادة بلغت نسبتها 17,4 في المائة مقارنة بسنة 2021، حيث أن 99,2 في المائة منها هي من المقاولات الصغيرة جدا، بينما تشكل المقاولات الصغرى والمتوسطة 0,7 في المائة.
وتأتي هذه الأرقام في الوقت الذي تتزايد فيه الدعوات لحماية ودعم المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة نظرا لدورها الهام في النسيج الإنتاجي الوطني، إذ توفر حوالي 74 في المائة من فرص العمل بالقطاع المهيكل.
وفي تشخيصه للأسباب، يرى “إنفوريسك”، أن ارتفاع نسبة إفلاس المقاولات يُعزى جزئيا إلى ضعف استخدام التدابير الوقائية المتوفرة، مشيرا إلى أن حصة تدابير الحماية ضمن حالات الإفلاس في عام 2022 تمثل 0,25 بالمائة، وحصة التسوية القضائية 0,06 بالمائة، في ما تمثل حصة التصفية القضائية، والحل، والشطب، والتوقف، ضمن حالات الإفلاس 99,69 بالمائة.
ماهي الحلول الناجعة لحماية المقاولات الصغرى والصغيرة جدا من الإفلاس؟