كشف تحقيق صحافي إسباني عن قيام الشرطة والاستخبارات الإسبانية بالتجسس على دبلوماسيين مغاربة بإسبانيا من بينهم القنصل العام للمملكة في برشلونة بين سنوات 2014 و2016، وذلك بسبب مخاوف مدريد من وجود “تحالف” بين السلطات المغربية والانفصاليين في إقليم كتالونيا.
ووفق تحقيق أجرته إذاعة “راك 1” الكاتالونية ونشرت مضامينه صحيفة “لافانغوارديا”، فقد تجسست “الشرطة الوطنية” على مسؤولين مغاربة كبار، مثل القنصل في برشلونة، للاشتباه في وجود “تحالف مغربي مع “الانفصاليين بإقليم كاتالونيا”.
وأوضح التقرير ذاته أن ” تخوف وزارة الداخلية الإسبانية في عهد خورخي فرنانديز دياز خلال عهد حكومة ماريانو راخوي، من التحالف الكاتالوني المغربي، قد وصل إلى حد أن الوزير نفسه سمح بالمراقبة وتجنيد المقربين واستخدام الأموال المحجوزة لمحاولة معرفة ما إذا كانت الحكومة المغربية قد قامت بإجراء اتفاقية سرية مع الحكومة الإقليمية التي كان يرأسها أرتور ماس.
ووفق المصدر ذاته فقد بدأ عمل استخبارات الشرطة الإسبانية في منتصف عام 2014 واستمر لمدة عامين على الأقل، حتى عام 2016، على الرغم من أن الشكوك الأولى كانت في وقت سابق، في عام 2013.
وأشار التحقيق إلى أن الشخص المسؤول عن العملية كان هو المفوض بيدرو إستيبان، وهو خبير من الشرطة الوطنية الإسبانية في الحرب ضد “الجهاديين”، حيث نشر عملاءه في برشلونة لمراقبة النشاط المغربي، وكان مسؤولا عن جمع البيانات الاستخباراتية الضرورية من الإقليم عموما.
وحسب الصحيفة ذاتها فإن الأمر كان يتعلق بتجنيد مُخبرين يستهدفون الدبلوماسيين المغاربة، والبحث في مصدر الأموال المحجوزة لمحاولة معرفة ما إذا كانت الحكومة المغربية قد حولتها للنشطاء الانفصاليين، وما إذا كان هناك اتفاق سري بينها وبين الحكومة الإقليمية في كاتالونيا.
وتوصلت إذاعة “راك 1” بتقريرين سريين يعودان تواليا إلى سنتي 2014 و2015، تمت إحالتهما على مكتب وزير الداخلية، يفصلان في مراقبة نشاط القنصل المغربي في برشلونة كما يتطرقان لمضامين لقاءات عقدها مع أشخاص من الجالية المغربية يُعتقد أنهم أظهروا دعما للانفصاليين.
كما ركزت التحقيقات على مؤسسات محلية تعمل في مجال إدماج المهاجرين في كتالونيا، إذ كانت الداخلية الإسبانية تعتقد أن الحكومة الكاتالونية الإقليمية تعمل على استراتيجية للتواصل مع مختلف الجاليات الأجنبية لكسب أنصال للطرح الانفصالي.
وفي هذه الوثيقة السرية نفسها، حذروا من أن “نوس كتالونيا”، التي كانت تعمل على تنزيل مخطط الجالية، مرتبط ارتباطًا وثيقًا بجمعية إسلامية تدعى “اتحاد المراكز الثقافية الإسلامية” في كاتالونيا، وهو كيان يعمل، وفقًا للتحقيق، لصالح الحكومة المغربية، بل إن العملاء الإسبان زعموا أن رئيس اتحاد المراكز الثقافية الإسلامية في كاتالونيا كان عميلاً سريًا للحكومة المغربية، وفي الواقع، بحسب المذكرة، تم طرده في عام 2013 بتهمة التجسس.
كما كشف التحقيق أنه بعد بضعة أشهر، تلقى الوزير فرنانديز دياز تقريرًا سريًا آخر، يعود إلى أبريل 2015، ويظهر أنه في ذلك الوقت تطورت شكوك الشرطة الوطنية حيث “لم يعودوا خائفين من أن تعقد حركة الانفصال في كاتالونيا اتفاقا مع المغرب؛ بل إن ما كانوا يخشونه حينها هو أن تستغل الحكومة المغربية الرغبة في السيادة لكسب أتباع جدد للتسلل إليها وتوجيهها من الداخل”.
وعلى الرغم هذه المعلومات، يضيف التحقيق، فإن “الأمر الوحيد الذي فعله الوزير فرنانديز دياز بكل هذه المعلومات هو تسريبها إلى صحيفة “لا رازون”، التي اتهمت في عام 2015 حركة الانفصال في كاتالونيا بالتآخي مع الإسلام الراديكالي في خضم موجة من الجهاديين”.
من جانبه، يضيف التقرير ذاته، فإن الرئيس السابق لإقليم كاتالونيا، أرتور ماس، نفى أن يكون قد أجرى أي اتصالات مع المغرب لإقناع سلطاته بالاعتراف باستقلال كاتالونيا، مشددا على أن اتصالاته مع الممثلين الدبلوماسية للرباط كانت تدخل في إطار العلاقة الوثيقة مع سلك القناصلة.
كما أشاد ماس بعلاقات حكومته مع الجالية المغربية التي أبانت عن رغبة في الاندماج بالإقليم، مهاجما السلطات الإسبانية بسبب التجسس على الدبلوماسيين المغاربة، وبأن الاعتقاد بأن كاتالونيا لديها اتفاق مع المغرب هو “محض خيال لا أساس له”.