بقلم : عادل بنحمزة
“لا يعدّ مفهوم الدولة الفاشلة بأبعاده الفكرية والسياسية، مفهوماً جديداً للدلالة إلى واقع الدول في علاقتها بوظائفها الأساسية الأمنية، الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية. فسجل التاريخ حافل بنماذج كثيرة لدول في مرحلة من مراحل تطوّرها، فقدت السيطرة الأمنية-العسكرية على كل أو جزء من ترابها الوطني، أو عجزت عن تلبية جزء أو كل من الطلب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لسكانها. هذه الوضعية إما أنها تنشأ لاعتبارات داخلية بخلفية مناطقية أو طائفية تنازع في شرعية السلطة الحاكمة أو في عدالة سياساتها على المستوى الترابي، أو أنها تنشأ بفعل عامل خارجي نتيجة للموقع الجغرافي أو الصراعات الإقليمية والدولية على المصادر الطبيعية والممرات البحرية والنهرية، وقد تجتمع هذه العوامل كلها، خصوصاً عندما تصادف ضعفاً بنيوياً في طبيعة تكوين الدولة نفسها.
وقد مثلت دراسات كل من هيرمان وراتنر وزارتمن في بداية التسعينات من القرن الماضي، أولى الدراسات المحكمة التي استهدفت الإحاطة العلمية بمفهوم الدولة الفاشلة، وعموماً يمكن القول إنه ليس هناك اتفاق حول تحديد دقيق لتصنيف دولة ما على أنها دولة فاشلة، وإن كانت المعطيات المتعلقة بشرعية السلطة وقدرتها على احتكار العنف ودرجة الاستجابة للطلب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي تعتبر محدداً حاسماً في هذا التصنيف. وقد أوضح تشارلز تي كول بدقة مؤشرات الدولة الفاشلة، بما يسميه “إطار الفجوة”، وهو متكوّن من ثلاث فجوات، الأولى عجز الدولة عن تلبية الطلب على الخدمات والسلع الرئيسية، والثانية العجز الأمني والثالثة تتمثل في تراجع شرعية النخب السياسية الحاكمة وضعفها.
كيف يمكن الربط بين الدولة الفاشلة، وهو المفهوم الذي ارتبط طويلاً بدول مثل الصومال واليمن وسوريا وليبيا، وقبلها دول مثل أوغندا وإثيوبيا وهايتي، وتونس التي كانت منطلق ما اصطُلح عليه إعلامياً وسياسياً بالربيع العربي…”