بينما انطلق العد العكسي لتقديم اللجنة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة خلاصة عملها إلى الملك محمد السادس، قال محمد الخليفة، المحامي والسياسي المغربي، إن غاية الأطراف التي تطالب بتغيير جذري للمدونة هي “أن تتخلى الأمم عمّا يجمعها”، معتبرا أن تأكيد الملك، في الرسالة التي وجهها إلى رئيس الحكومة بشأن فتح ورش إصلاح مدونة الأسرة، أنه لن يحلل ما حرم الله ولن يُحرم ما أحل الله “إشارة موجهة إلينا نحن المغاربة من أجل أن نلتحم لمواجهة خطر خارجي يتهددنا”.
وذهب الخليفة، الذي كان يتحدث في مهرجان وطني نظمه حزب العدالة والتنمية حول إصلاح مدونة الأسرة، الأحد، إلى القول إن اتفاقية “سيداو”، التي يستند إليها المطالبون بالتغيير الجوهري لمدونة الأسرة، “تتحدث في ظاهرها عن المساواة والعدل بين النساء والرجال، ولكنها في جوهرها تهدف إلى إخراج المسلمين من الإسلام وليس شيئا آخر”.
وتابع المتحدث ذاته: “لسنا شعبا يمكن أن تنطلي عليه الألاعيب الدولية”، مضيفا: “هناك من يريد أن يجعل من الرسالة الملكية إلى رئيس الحكومة مطية لتبرير ما لا يبرر، وفرض ما لا يمكن فرضه، لتتخلى الأمة عما يجمعها”.
الخليفة أردف بأن المغرب اضطر إلى المصادقة على اتفاقية “سيداو” في 1993 “لكن بعبقرية المغاربة، إذ تمت المصادقة بشروط كثيرة كلها تخرج الاتفاقية التي يريدون (يقصد المنتظم الدولي) فرضها على العالم في أن يبقى الشعب المغربي شعبا مسلما بقرآنه الكريم”، لافتا إلى أن الاتفاقية المذكورة لم تنشر في الجريدة الرسمية حتى سنة 2001.
وأضاف السياسي ذاته: “الاتفاقيات الدولية أمر واقع ولا يمكن إلغاؤها، ولكن يجب التحلي إزاءها باليقظة، وبالأخص في موضوع العقيدة، لأن القرآن لم يترك لنا مجالا للاجتهاد في مسائل الأحوال الشخصية، وإذا كان هناك اجتهاد فيجب أن يكون بالعلم ومن طرف العلماء وأهل الاختصاص”.
وشدد المحامي نفسه على أن “الملك حين دعا رئيس الحكومة إلى فتح ورش إصلاح مدونة الأسرة فقد كان خطابه واضحا إلا لمن ليس له قلب ولم يستمع”، وزاد: “ملك البلاد لن يحلل حراما ولن يحرم حلالا، وعندما قال هذه الجملة وضع المسؤولين أمام مسؤوليتهم، وجعل الاجتهاد أمامهم محدودا”.
واستطرد المتحدث: “على السياسيين ألا يقعوا في المحظور، لأن الأمر يتعدانا، والنقاش ليس بين اليساريين والإسلاميين، بل أكبر من ذلك، فهناك ضغوط على المغرب من أجل إلغاء جميع التحفظات على اتفاقية سيداو”.
وانتقد الخليفة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بسبب المذكرة التي قدمها إلى اللجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، قائلا: “غير منطقي وغير معقول أن تقدم مؤسسة دستورية، وهي عضو في اللجنة، مذكرة من أجل تحطيم رؤية ملك البلاد أمير المؤمنين الذي لا يمكن أن يحلل ما حرم الله”.
ورغم المخاوف التي عبر عنها بشأن مطالب التغيير الجذري لمدونة الأسرة، اعتبر السياسي ذاته أن لديه ثقة في أن “صمام الأمان هو ملك البلاد، وما عبّر عنه هو إشارة موجهة إلينا نحن المغاربة من أجل أن نلتحم لمواجهة خطر يتهددنا”.