كشفت عمدة الرباط، عن وجود نحو 2400 موظف شبح من أصل 3400 يعملون في مجلس المدينة، وهؤلاء يتسلمون رواتبهم الشهرية منذ سنوات من دون أي عمل أو مراقبة من السلطات.
وتعليقا على هذه التصريحات، قال رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام محمد الغلوسي: “رقم مهول لجيش من الموظفين يتقاضون أجرهم باستمرار دون أداء أي عمل ونحن في القرن الـ21، موظفون فوق القانون وقد نجد من بينهم من هو خارج المغرب أو يتعاطى لمهن وحرف أخرى”.
وأضاف الغلوسي في تدوينة عبر فيسبوك في 9 يونيو، “إذا قلنا إن الأجر الشهري هو 4000 درهم (400 دولار) فإن مجموع الأجر السنوي لهذا العدد من الموظفين هو 129.600.000 درهم سنويا (129 مليون دولار)”.
وتابع: “لا يمكنك أن تصدق كيف أن فئات وشرائح واسعة من المجتمع تشمر على سواعدها وتكافح الفقر والهشاشة يوميا لمواجهة تكاليف الحياة وغلاء الأسعار وضنك المعيشة ومصاريف لا تنتهي، وهناك من يبحث عن فرصة عمل ويظل يوميا يوزع الطلبات السير الذاتية على الشركات ويطرق كل الأبواب لإيجاد فرصة عمل تقيه حر الحياة”.
ورأى الغلوسي أن “هناك من يقامر بحياته عبر ركوب قوارب الموت للنجاة من واقع البطالة والإقصاء الاجتماعي، ومقابل كل ذلك، هناك من يتقاضى أجورا ضخمة دون عرق أو مجهود إنها سياسة الريع وهدر الأموال العمومية دون حسيب ولا رقيب”.
أن “إشكالية الأشباح ليست جديدة، إذ إن الدولة، كانت تلجأ (خصوصا في عهد وزير الداخلية الأسبق، إدريس البصري) إلى توظيف مئات العاطلين بالجماعات كطريقة لامتصاص البطالة، دون أن يكون لهذه الجماعات حاجة فعلية بهذا الكم الهائل من الموظفين، كما أن المنتخبين دأبوا على توظيف أقربائهم ومناصريهم بالجماعات، كطريقة لكسب ولائهم”.
وبعد السجال المتواصل في المملكة بعد تصريحات عمدة الرباط، قال الناطق باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، إن “الحكومة لها نية مواجهة ظاهرة الموظفين الأشباح”.
وأضاف بايتاس خلال ندوة المجلس الحكومي بالرباط في 9 يونيو، إن “الحكومة ستتخذ مجموعة من الإجراءات لمواجهة هذه الظاهرة، خاصة أننا نمتلك فضاء مشتركا، ألا وهو الحوار الاجتماعي، وبدون شك لا أحد تعجبه هذه الظاهرة”.
وحسب وسائل إعلام محلية، يستنزف الموظفون الأشباح سنويا أموالا ضخمة، فعند افتراض أن هؤلاء الموظفين يتقاضون أجرا يعادل الحد الأدنى للأجور أي 2100 درهم شهريا، فإن خزينة الدولة تتكبد خسائر شهرية تقدر بـ189 مليون درهم أي ما يعادل 2،268 مليار درهم في السنة.
وأمام صمت رسمي حديث عن أرقام “الموظفين الأشباح، قال الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالحكامة والشؤون العامة الأسبق، محمد نجيب بوليف، خلال لقاء حزبي، في 12 أبريل/نيسان 2012 إن “العدد يتراوح ما بين 70 ألفا و90 ألفا مسجلين ضمن عدد من المؤسسات العمومية، علما أن عدد الموظفين في القطاع العام يبلغ 800 ألف”.
المجلس الجهوي للحسابات (رسمية)، دخل على الخط، ووجه في 9 يونيو 2022 إلى عمدة الرباط، مراسلة أعلن فيها أن المجلس “شرّع في مهمة تقييم نظام المراقبة الداخلية بالجماعات الترابية (البلديات) التابعة لجهة الرباط سلا القنيطرة”.
وقال المجلس إن “الموظفين والأطر والأشباح بالجماعات الترابية (البلديات)، يستحوذون على أكثر من 20 بالمائة من حجم النفقات المرصودة إلى موظفي هذه المؤسسات والمقدرة بـ11 مليار درهم (11 مليون دولار) تقريبا”.
ولفتت إلى أنه “يتكون الأشباح من عدد من الموظفين الذين لا يلتحقون بمقرات عملهم، وأغلبهم من الأصدقاء المقربين وزوجات موظفين كبار في إدارات عمومية أخرى، أو أقارب مسؤولين ووزراء وأمناء عامين لأحزاب ونقابات ورؤساء جماعات التحقوا، في ظروف غامضة، بأسلاك الوظيفة العمومية دون أن يؤدوا لها أي خدمة”.
وقال رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، الغلوسي، إنها “فضيحة كبرى بكل المقاييس بجماعة الرباط لا يجب أن تمر كزوبعة وتنتهي كباقي الزوابع الأخرى، إنها قضية جوهرية تتطلب من وزارة الداخلية التدخل العاجل لوقف هذه المهزلة وهذا النزيف الحاد ومطالبة كل من تقاضى الأجور دون عمل بإرجاعها لخزينة الدولة”.
وطالب في تدوينته بـ”فتح تحقيق معمق مع كل الجهات التي تتستر عن هؤلاء الأشباح والتأكد مما إذا كانت عمدة الرباط قد سلكت المساطر الواجبة قانونا ضدهم، من توجيه استفسار وعرض على المجلس التأديبي وإيقاف الراتب وصولا إلى العزل وغيرها من الإجراءات والجزاءات القانونية”.
ورأى الغلوسي أن “الموظفين الأشباح بجماعة الرباط ليسوا إلا نموذجا لحالات أخرى من جيش الأشباح والذين يوجدون في كل مكان إلا مقرات عملهم ويتقاضون رواتب سمينة، هي ظاهرة فريدة توجد بجميع الإدارات المغربية ويتفاوت حجمها من مرفق إلى آخر”.
وشدد على أنه “يحدث هذا الهدر الفاضح للمال العام والمستفز لكل المشاعر وسط ارتفاع غير مسبوق للأسعار وضرب القدرة الشرائية للمواطنين في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة”.
وأكد الغلوسي أن “المشاريع الحقيقية التي يجب أن تشتغل عليها الحكومة ولن تكلفها ولو درهم واحد هو مواجهة ظاهرة الموظفين الأشباح بحزم وصرامة والقطع مع سياسة الريع ونهب وهدر المال العام مع ربط المسؤولية بالمحاسبة”.