أكد المشاركون في المنتدى البرلماني الدولي الثامن للعدالة الاجتماعية، اليوم الإثنين بمجلس المستشارين، على ضرورة التكامل والتلازم بين العمل اللائق والتنمية المستدامة كأحد الأولويات الاستراتيجية المُكرسّة في التشريعات الوطنية والتي تجد صداها في السياسات العمومية.
وسجل المتحدثون، في الجلسة الأولى للمنتدى المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن سوق الشغل عرف تحولات جذرية في الآونة الأخيرة مما فرض تنزيل إصلاحات جذرية في المجالات الاجتماعية والتشريعات للنهوض بالعمل اللائق، داعين إلى تعزيز فرص العمل المدرة للدخل التي توفر للعامل الاستقرار وتكافؤ الفرص.
وفي كلمة له خلال هذه الجلسة التي ناقشت موضوع “العمل اللائق والتنمية المستدامة: أوجه التكامل والتلازم من منظور المعايير الدولية”، اعتبر وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس سكوري، أن كسب رهان التنمية يمر وجوبا عبر إقرار العمل اللائق في شمولية أبعاده ومختلف تمظهراته وأهدافه في السياسات العمومية وفي الترسانة القانونية والعمل على ملاءمتها مع المعايير الدولية ذات الصلة، وذلك انسجاما مع تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية التي انخرط المغرب في تحقيقها واحترام أجندتها.
وأوضح السيد سكوري، في مداخلة تلتها بالنيابة عنه، الكاتبة العامة للوزارة، وفاء العصري، أن العمل اللائق يشكل محور التقاء الأهداف الاستراتيجية لمنظمة العمل الدولية والمتمثلة، على الخصوص، في “تعزيز المبادئ والحقوق الأساسية في العمل”، “زيادة الفرص المتاحة للرجال والنساء للحصول على وظائف وأجور لائقة”، و”توسيع نطاق الحماية الاجتماعية وتعزيز فعاليتها”.
وأكد الوزير أنه تم اتخاذ سلسلة من التدابير ترمي إلى تكريس مفهوم العمل اللائق سواء على المستوى التشريعي أو على مستوى تعزيز ثقافة الحوار الاجتماعي وتعميم الحماية الاجتماعية ومحاربة ظاهرة تشغيل الأطفال وحماية الحقوق الفئوية وتعزيز المساواة في العمل، مسجلا كذلك أن إصلاح أنظمة التقاعد وقانون الإضراب وقانون الشغل تظل تحديات هيكلية مطروحة “تستوجب التوافق في شأنها بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين والمقاولات”.
من جهته، أكد الكاتب العام للمندوبية السامية للتخطيط، عياش خالف، على ضرورة تسريع تنفيذ توجهات وتوصيات النموذج التنموي الجديد والإصلاحات الهيكلية الجارية من أجل تحقيق نمو اقتصادي مطرد ومستدام ومدمج ومحدث لفرص الشغل اللائق.
ودعا السيد خالف إلى انخراط أكبر لكل الأطراف ومنها القطاع الخاص والمجتمع المدني في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة على المستوى الوطني والترابي وإدماجها في مختلف آليات التخطيط والميزانية وتتبع وتقييم السياسات العمومية على جميع المستويات الترابية
كما سجل أهمية تعزيز التناسق العمودي و الالتقائية الأفقية للسياسات العمومية وطنيا وترابيا وتطوير تمويل مبتكر يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتسريع مسلسل الرقمنة والبحث العلمي والابتكار للنهوض بالعمل اللائق.
من جانبها، أبرزت ممثلة منظمة العمل الدولية أوريليا سيكاتي، أن العمل اللائق يندرج ضمن أهداف المنظمة التي صادقت على معاهدة العدالة الاجتماعية سنة 2008 وهي “الإعلان الثاني الأهم والأكبر منذ المصادقة على معاهدة تأسيس المنظمة سنة 1919 بالإضافة إلى مصادقتها على مختلف المعاهدات الخاصة بالعمل والتي تُعبر عن اشتغالها على العدالة الاجتماعية والعمل اللائق من أجل التنمية المستدامة.
وسجلت السيدة سيكاتي أن “4 ملايير من العاملين في العالم لا يستفيدون من التغطية الاجتماعية كما تعاني النساء من عدم التشغيل في مختلف الدول بالإضافة إلى فوارق في الأجور”، داعية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية لضمان المساواة.
واعتبرت السيدة سيكاتي أن “دور المنظمة هو عملي لكنه أيضا سياسي من أجل إقناع مختلف الأطراف المعنية للانخراط في أجندة العمل اللائق”، داعية إلى الحوار الاجتماعي والاستثمار في التدريس والتعليم والانتقال العادل نحو اقتصاد منصف.
من جهتها، دعت رئيسة مكتب مجلس أوروبا بالمغرب، كارمين مورتي كوميز، إلى مأسسة الحماية الاجتماعية وتحسين ظروف العمل وضمان مستوى للعمل اللائق لجميع المواطنين، لاسيما في ظل تناسل الأزمات الصحية والمناخية، مشيرة في هذا السياق إلى التقرير الذي أصدرته الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا سنة 2014 والذي أكد على أهمية التضامن والتعاون بين الدول الغنية والفقيرة من أجل توفير عمل لائق.
وتابعت السيدة كوميز، أن الجمعية البرلمانية تحثُّ الدول الأعضاء على السهر على أن تكون الشروط الاجتماعية والبيئية الملزمة والمصحوبة بآليات للرقابة بانتظام مدرجةً في اتفاقيات التبادل الحر والاستثمار الثنائي والمتعدد الأطراف.
يشار إلى أن هذا المنتدى، الذي ينظمه مجلس المستشارين بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تحت شعار “العمل اللائق من أجل التنمية المستدامة”، يسعى إلى طرح المقاربات البرلمانية الممكنة في مجال توفير وتعزيز العمل اللائق، كما وكيفا، باعتباره أحد المرتكزات الرئيسية لتوطيد أسس العدالة الاجتماعية وترسيخ أركان الدولة الاجتماعية، وفق التوجيهات الملكية السامية.
وتتمحور أعمال المنتدى، الذي يعرف حضور أعضاء في الحكومة والبرلمان ومسؤولي عدد من الهيئات والمؤسسات والوكالات الوطنية والدولية، حول موضوعين رئيسيين هما “العمل اللائق والتنمية المستدامة: أوجه التكامل والتلازم من منظور منظومة المعايير الدولية والوطنية”، و”العمل اللائق وتحديات تأهيل وإدماج الاقتصاد”.