تستعد وزارة الداخلية المغربية لإعداد مشروع جديد للتقسيم الترابي يهدف إلى تقليص عدد الجهات من 12 إلى 9، و تستهدف من هذا تحقيق تحول جوهري في الخارطة الإدارية للمملكة.
و المشروع جزء من رؤية أشمل لتعزيز العدالة المجالية، و تدعيم الحكامة المحلية، وتقليص الفوارق التنموية بين مختلف المناطق، نحو تقسيم أكثر كفاءة وتكامل.
يشكل هذا التوجه استكمالاً لمسار الإصلاح الذي بدأ في عام 2015 مع اعتماد التقسيم الجهوي الحالي.
وعلى الرغم من نجاحه النسبي في تعزيز التنمية الجهوية، ظهرت تحديات مرتبطة بفعالية هذا النظام في تقليص الفوارق بين المناطق وتوزيع الموارد بشكل عادل.
التقسيم الجديد يعتمد على معايير مدروسة تشمل الجوانب الجغرافية، الديموغرافية، والاقتصادية، بهدف ضمان تكامل وظيفي بين الجهات وربطها بمشاريع التنمية الكبرى. من بين هذه المشاريع استحقاقات بارزة مثل استضافة كأس العالم 2030، التي تتطلب تحديثاً في البنية الإدارية لضمان التنسيق الفعال وتنفيذ المشاريع المرتبطة بهذا الحدث العالمي.
كما يتوقع من المشروع أن يساهم هذا التقسيم الجديد في إعادة توزيع الاستثمارات الوطنية والدولية، ما سيعزز تنافسية الجهات ويقلص الفجوات بين المحاور الاقتصادية الكبرى مثل جهة الدار البيضاء-سطات، والجهات التي تعاني من تحديات تنموية هيكلية، مثل المناطق الشرقية والشمالية.
ومع ذلك، يواجه المشروع تحديات كبيرة تتعلق بإدارة الانتقال إلى النظام الجديد، بما في ذلك إعادة هيكلة العلاقة بين المركز والجهات وتحديد الاختصاصات بدقة لكل مستوى ترابي. نجاح هذه المبادرة يعتمد بشكل كبير على إشراك الفاعلين المحليين والجهويين لضمان الالتزام بتنفيذها، خاصة في ظل التفاوتات التاريخية التي خلفتها أنماط الحكامة السابقة.
ويؤكد المراقبون أن هذا المشروع يعكس إرادة سياسية حقيقية لتكريس مبادئ الجهوية المتقدمة، وتحويلها إلى أداة فعالة لتحقيق التنمية المندمجة. كما يعد فرصة لتطوير نموذج تنموي جديد يعكس توازنًا بين العدالة المجالية وفعالية الحكامة الترابية.
وبين الطموحات الكبيرة والتحديات الميدانية، يواجه المغرب اختباراً جديداً في صياغة مشروعه التنموي. نجاح هذا المشروع سيكون مؤشراً حاسماً على قدرة المملكة على تعزيز مكانتها كفاعل إقليمي ودولي، وتحقيق تطلعات المواطنين نحو تنمية أكثر عدالة وتوازناً.