اعتبرت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، أن مقاصد الدين الإسلامي الحنيف لا تتعارض في عمقها مع الأساس الأخلاقي للمنظومة الكونية لحقوق الإنسان، تماما على النحو الذي بينه فلاسفة وعلماء، كالفارابي وابن رشد وغيرهم.
![](https://maghrebalalam.com/wp-content/uploads/2025/02/image_editor_output_image-98788064-17391472802288944717209325622680.jpg)
وأضافت بوعياش، أن جوهر الأهداف المقاصدية للإسلام، كدعوة كونية تخاطب الناس كافة، تتقاطع بوضوح مع جوهر القيم المؤسِسة لمنظومة حقوق الإنسان، وهو تقاطع قابل للتطوير والتوسيع والتعميق عن طريق الاجتهاد باعتباره جهدا بشريا يهدف إلى تحقيق أثر هذا الجوهر في حياة الناس وتحويله إلى مناط سلوك في حياته اليومية، وهو جهد مجتمعي بالضرورة، أي أنه خاضع للتحولات المجتمعية.
واعتبرت أن كلٌّ من مقاصد الإسلام وحقوق الإنسان ركائز أساسية للرقي بالقيم الإنسانية وتحقيق التنمية المستدامة على الرغم من اختلاف الأسس التي تقوم عليها كل منهما، فإنهما قد يلتقيان في تعزيز القيم المشتركة، مثل العدالة والمساواة، والكرامة الإنسانية ونشر التوعية بحقوق الإنسان وثقافة المواطنة وتعزيز الاجتهاد لملائمة القيم الإنسانية المشتركة والقوانين الوضعية لضمان انتصاف قانوني وتنمية مستدامة.
وشددت خلال لقاء تواصلي نظمه المجلس العلمي الأعلى للاستماع إلى الخبراء في التنمية حول مشروع خطة “تسديد التبليغ”، اليوم الأحد بمقر المجلس العلمي الأعلى، على أن إصلاح المناهج التعليمية وتجديد الخطاب الديني ليس ترفا فكريا، بل ضرورة لضمان التفاعل مع متغيرات العصر، وتعزيز مقاصد الدين كقوة مُحركة لتعزيز القيم الإنسانية، ومرتكزات التنمية، والربط بين المقاربات التي تركز على الجوانب الشعائرية بعلاقتها بالمعاملات.
وأكدت بوعياش، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي يتولى النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات، يعتمد في مقاربته للتنمية على ثلاثة مبادئ مترابطة. أولها، اعتبار التنمية حقا من حقوق الإنسان، يعزز قدرات الأفراد عبر المشاركة والإسهام فيه والاستفادة منه، ويعتمد على الإنصاف والمساواة والعدالة.
ثاني هذه المبادئ، تضيف بوعياش، هي أن التنمية لا يجب أن تختزل في مجرد برامج لتلبية الحاجيات، بل يجب أن ترتبط بحقوق الأفراد، وتجعل منهم فاعلين في مسار التنمية. وأوضحت أن الفرق بين المقاربتين كبير، ففي حين أن الأولى تسعى إلى توفير أشياء مفقودة، فإن الثانية تطمح إلى إزالة عوائق تحول دون تمكن الأفراد من التمتع الفعلي بحقوقهم.
أما المبدأ الثالث، فهو اعتماد استراتيجية فعلية للحقوق، تتأسس على مرتكزات قانونية وغير قانونية، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وأشارت بوعياش إلى أن المجلس ينطلق في مقاربات عمله من المفهوم الواسع لحقوق الإنسان، كمجموعة من الحقوق والحريات المتأصلة، التي يتمتع بها كل فرد لمجرد كونه إنسان.
وشددت على أن هذه الحقوق ليست مجرد مبادئ نظرية، بل هي التزامات تستند على مرتكزات تشكل إطارها الفلسفي والقانوني، وعلى رأسها الكرامة المتأصلة، المساواة، والحرية، والعدالة، وسيادة القانون. وأكدت أن هذه المرتكزات ليست بعيدة عن الموضوع الذي تتم مناقشته، بل هي مداخل أساسية للتداول في هذا المحفل الفكري الهام، باعتبارها نقاط تمفصل الحقوق والتنمية والثقافة.
وفي معرض حديثها عن القيم، أشارت بوعياش إلى أن جوهر الأهداف المقاصدية للإسلام، كدعوة كونية تخاطب الناس كافة، يتقاطع بوضوح مع جوهر القيم المؤسسة لمنظومة حقوق الإنسان. وأوضحت أن هذا التقاطع قابل للتطوير والتوسيع والتعميق عن طريق الاجتهاد، باعتباره جهداً بشرياً يهدف إلى تحقيق أثر هذا الجوهر في حياة الناس.
كما تقاسمت مع الحضور أربع قيم أساسية، تعتبرها بمثابة أرضية عمل مشتركة بين كل الفاعلين في التنمية. أولى هذه القيم، الحرية، التي لا تندرج ضمن نطاق تفكير فلسفي مجرد، بل غدت ركيزة أساسية لتحقيق التنمية. وثاني هذه القيم، المساواة، التي تعتبر إحدى الركائز الأساسية الضامنة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
أما القيمة الثالثة، فهي العدالة، التي تعتبر قيمة تأسيسية للتنمية العادلة والشاملة. ورابع هذه القيم، التضامن، الذي يشكل مرتكزاً رئيسياً للاختيارات التنموية، بوصفه قيمة إنسانية راسخة تقوم على وعي الأفراد بوحدة مصيرهم المشترك، وما يترتب عن هذا الوعي من رغبة تلقائية في التعاون والتآزر والتكامل.