يواجه الكثير من الأشخاص في العالم العربي صعوبة في الحد من نفقاتهم المالية خلال شهر رمضان المبارك، الأمر الذي يرفع مستويات الإنفاق العشوائي بشكل كبير جداً.
وعند النظر إلى الأمر بدقة، يٌلاحظ أن السبب الرئيسي لارتفاع الإنفاق العشوائي خلال شهر رمضان يعود لتسرّع المستهلكين، وارتكابهم لأخطاء تستنزف مواردهم المالية غير منطقية، حيث تساهم الطبيعة الروحانية لهذا الشهر في تعزيز الشعور بالسعادة، ما يدفع الفرد لاستخدام أمواله بطريقة مختلفة.
وعادة ما يحدث الإنفاق العشوائي خلال شهر رمضان نتيجة سقوط المستهلكين في أخطاء تدفعهم لإجراء عمليات شرائية متسرعة، أبرزها :
-الشراء الاندفاعي
-شراء الراحة
-الوقوع ضحية إغراءات التجار
-عدم تحديد ميزانية
-التوقيت
ورغم بدء شهر رمضان بالفعل، إلا أن الأوان لم يفت بعد لبناء عادات مالية صحية تُمكن المستهلكين من تحديد أسلوب الإنفاق المناسب لوضعهم، وتمنعهم من الوقوع ضحية الأخطاء الخمسة المذكورة التي تغذي ثقافة التبذير.
ويقول زايد نواف الدويري، وهو أستاذ مساعد في قسم الاقتصاد الإسلامي في الجامعة الإسلامية بمنيسوتا، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه من المؤسف أن هناك عادات استهلاكية لا تظهر عند الناس إلا خلال شهر رمضان المبارك، حيث يحدث هذا الأمر بفعل عوامل عدة، سواء كانت متعلقة بالسلوك الاندفاعي أو بسلوك الارتياح أو إغراءات التجار، أو حتى عدم وضع ميزانية لتحديد النفقات.
وبحسب الدويري، فهذه العوامل الأربعة وإن كان بعضها يتفوق على الآخر لناحية الدور السلبي في التأثير على العادات الاستهلاكية خلال شهر رمضان، لكن تفسير ما يحدث موجود في الاقتصاد السلوكي، وهو يُعرف بالتحيزات المعرفية أو التشوهات في التفكير التي تؤدي إلى اتخاذ القرار الخطأ.
الشراء الاندفاعي
بحسب الدويري، وهو مستشار اقتصاد سلوكي، هناك عوامل نفسية تلعب دوراً في دفع المستهلكين للوقوع ضحية هذا الخطأ خلال شهر رمضان، فغالباً ما يستخدم التجار وخاصة تجار التجزئة، أساليب لاستغلال هذا العامل عند المستهلك من خلال طرح عروض حصرية محددة بالوقت والسعر، ما يجعله يشعر أنه سيضيع الفرصة المتوفرة له أو ما يسمى بشعور “الفومو”.
ونتيجة هذا الضغط، يشعر المستهلك أنه مجبر على الشراء طمعاً بالربح وتجنباً للخسارة.
سلوك الارتياح أو شراء الراحة
ويرى الدويري أن عادات الشراء المتعلقة بسلوك الارتياح أو شراء الراحة ناتجة عن رغبة المستهلكين في التخفيف من المهمات الموكلة إليهم خلال الشهر الفضيل، فيقومون بزيادة إنفاقهم على ما يؤمّن لهم الراحة بنظرهم.
وهذا ما يستغله التجار من خلال خلق رسائل تسويقة تجذب وتغري المستهلك، وتجعله يشعر بأن العرض الموجود أمامه سيساهم في اكتسابه الراحة.
وهذا النمط السلوكي، بحسب الدويري، قد تعزز بوجود وسائل التواصل الاجتماعي ومتاجر البيع الإلكترونية، التي باتت تؤمّن خدمات البيع والتوصيل، ما يُشعر المستهلك بأنه ليس مضطراً للذهاب بنفسه إلى السوق، وأن السلعة التي يريدها يمكن أن تصل إلى منزله دون تعب.
الوقوع ضحية إغراءات التجار
يقوم التجار بتكثيف عروضهم للمستهلكين خلال شهر رمضان، وتصبح قوة المغريات عاملا مساعدا لارتفاع معدلات الاستهلاك خلال هذا الشهر، كما يقول الدويري.
وأضاف أن التجار، ومن خلال الخدع التسويقية التي يعتمدونها، يعملون على تحفيز ما يسمى “تأثير سعر الاغراء عند المستهلك” والذي يعتبر انحيازا معرفيا مهم، يميل من خلاله المستهلك إلى إحداث تغيير في الأفضلية، حيث يقدم التجار مثلاً ثلاثة خيارات للمستهلك، واحد من هذه الخيارات يكون بسعر أرخص من الخيارين الآخرين، فيجد المستهلك نفسه مجبراً على المقارنة بين الأسعار التي أمامه، وبالتالي يختار السعر الأقل.
وهذه الخدع والإغراءات التسويقية تسهم في تحقيق مزيد من المبيعات.