
مغرب العالم/ يوسف دانون

في وقت تتشبث فيه الجالية المغربية المقيمة بالخارج بكل ما يعيد وصلها بالوطن الأم، وفي زمن يُفترض أن يحمل الفن رسالة تتجاوز حدود الربح والبهرجة، اختارت الفنانة أسماء لمنور أن تدير ظهرها لجمهور مغربي مخلص ببلجيكا، وتفضّل عليهم أضواء الخليج ورنين العملات.
نعم، تلك الجالية التي طالما رفعت اسم المغرب عالياً في المحافل الأوروبية، والتي لطالما منحت الفنانين كل الحب والدعم في الغربة، ها هي تُقابل بالتجاهل والإقصاء من قبل فنانة تدّعي “الانتماء”، لكنها لا تتوانى في اختيار جمهورها على أساس “الشيك” لا الشوق.
رفضت أسماء لمنور تلبية دعوة إحياء حفل للجالية المغربية ببلجيكا، وفضّلت بدلاً من ذلك حفلات خاصة بالخليج، حيث المال أكثر وفير، والبريق أكثر لمعاناً… لكن ماذا عن الحب؟ عن الروابط؟ عن المغاربة الذين يكبرون على أنغام وطنية ويبحثون عن ظل ثقافتهم في المهجر؟
من السهل جداً التشدق بكلمة “مغربية” في الحوارات التلفزيونية، ومن السهل جداً ارتداء القفطان في سهرات فاخرة والحديث عن “الأصالة”، لكن الأصعب — بل الأصعب جداً — هو أن تثبتي هذا الانتماء بالفعل، وأن تعطي للجمهور المغربي المغترب جزءاً مما أعطاكِ من حب وثقة ومكانة.
ليس من اللائق أن تَتغنّي بالمغرب وتُديري ظهرك للمغاربة في المهجر. ليس من المنصف أن تَتحدثي عن “حب الجمهور” بينما تَنتقين جمهورك وفق ثمن التذكرة أو فخامة الفندق. فالفن إن لم يكن إنسانياً قبل أن يكون تجارياً، يصبح مجرد صدى فارغ في قاعة مغلقة.
نحن لا نحقد على نجاحك، بل نحزن لأنك قررت أن تختاري “الأعلى ثمناً” لا “الأقرب قلباً”. مغربيتكِ لا تُقاس بعدد مرات ظهورك في مهرجان أو بوست على إنستغرام، بل تُقاس عندما تضعين الجالية المغربية — التي لم تنسَك — في قائمة أولوياتك، لا في آخر جدول أعمالك.
فلتعلمي يا أسماء، أن النجومية لا تُخلَّد بالأموال، بل بالوفاء… والجالية المغربية تستحق أكثر من هذا التمثيل العابر .