الصحافي أمين بوشعيب / إيطاليا
لماذا تعمل حكومة أخنوش على عرقلة استثمارات المواطنين المغاربة في بلدهم؟ وبالمقابل لماذا تفتح ذراعيها لكل مستثمر أجنبي وتشرع أمامه جميع الأبواب؟ وما مصير الوعود التي أطلقتها هذه الحكومة لتحسين مناخ الاستثمار أمام جميع المغاربة بما فيهم مغاربة العالم؟ ولماذا تتعمد بالتالي السير بعكس ما جاء في خطاب الملك حول الاستثمار، والاهتمام بالجالية المغربية في الخارج؟
في سنة 2022 وبمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة بتاريخ 14 أكتوبر من نفس السنة، وضع الملك محمد السادس خارطة الطريق الاستراتيجية لإعطاء نفس جديد للاستثمار بالمغرب ” حيث قال: ” ننتظر أن يعطي الميثاق الوطني للاستثمار، دفعة ملموسة، على مستوى جاذبية المغرب للاستثمارات الخاصة، الوطنية والأجنبية“. فتوسم المستثمرون خيرا، وخاصة مغاربة العالم الذين كانوا يعانون من العراقيل الكثيرة والمصطنعة في طريقهم، خلال السنوات الماضية في ظل الحكومات المتعاقبة.
بعد ذلك أعلن عزيز أخنوش، أن حكومته وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية “ستعمل على تبسيط القرارات الإدارية التي تهم الاستثمار ورقمنتها عبر المنصة الإلكترونية، بالإضافة إلى تقليص عدد الوثائق المطلوبة.وأضاف أن حكومته “أخذت على عاتقها تفعيل تصور جديد للمراكز الجهوية للاستثمار، يقوم على تعزيز دورها وتمكينها من تبسيط مساطر الاستثمار وإعداد الاتفاقيات المتعلقة بها، وتعزيز تتبعها للمشاريع الاستثمارية ”. وفي هذا السياق، أبرز أنه تحقيقا للتفاعل السريع والاستجابة الفورية لطلبات المستثمرين، تقرر تفويض البت في ملفات الاستثمار للتسريع بالمصادقة على ملفات ومشاريع الاستثمار في آجال معقولة.
وتابع أن الحكومة ستواصل التعريف بالمؤهلات الاستثمارية للمغرب على الصعيد العالمي، خاصة بالعمل على تعزيز دور المغاربة المقيمين بالخارج، وسط طموح في أن يشكل هؤلاء من خلال استثماراتهم وخبراتهم، قاطرة لتنمية القطاع الصناعي بالمغرب
كلام جميل ومعقول، ولكن على أرض الواقع لا نجد لهذا الكلام المعسول أي أثر، فالمستثمرون المغاربة سواء المتواجدون داخل الوطن أو خارجه يعانون ويشتكون من الصعوبات والعراقيل التي تعوق تحقيق مشاريعهم، الشيء الذي جعل نادي المستثمرين المغاربة بالخارج، يعبر عن استغرابه للعراقيل التي تتعرض لها مشاريع أفراد الجالية المغربية رغم استجابتها لكل المعايير والشروط معتبرا ذلك « ضدا على التوجهات الملكية التي عبر عنها صاحب الجلالة في خطبه والذي أكد على رعاية مشاريع مغاربة العالم ”
سألني أحد مغاربة العالم لماذا تفضل حكومة أخنوش المستثمر الأجنبي على المستثمر الوطني؟ أجبته باختصار: لأنها حكومة غير وطنية.
فلما رأيته مستغربا من جوابي، أردفت قائلا: إنه الاستعمار الجديد، حيث لم تعد الدول الامبريالية تحتاج للحروب المباشرة، لاستعمار الدول الضعيفة المتخلفة لنهب ثرواتها، كما حصل خلال القرن الماضي، لقد تطورت الأمور وأصبح الاستثمار سلاحهم الفعال في الاستمرار في استغلال مستعمراتهم عبر عملائهم الذين يحتلون مناصب ودواليب الحكم، باسم الديموقراطية والتطور والازدهار، والانضمام الى الركب الذاهب نحو التطور والتقدم حسب زعمهم.
ستقول لي: ولكن هناك عدة دول كانت محسوبة على العالم الثالث، نهضت وتطور اقتصاداتها وأصبحت في مصاف الدول المتقدمة؟_!قال: نعم. قلت له: وهل تدري كيف حصل ذلك؟ إنه الرهان على المواطنين الشرفاء، والأطر الكفؤة، وسواعد الأحرار من شعوبهم، وليس بالارتهان إلى تعليمات الاستعمار القديم/ الجديد. لذلك عملت تلك الدول على بناء أسس متينة لنمو اقتصادي مستدام، والالتزام بالإصلاحات الاقتصادية التي تعزز الابتكار والاستدامة، والقطع مع التدخلات الامبريالية من قبل الدول الأجنبية.
يا صاحبي: إن هذه الحكومة يتحكم فيها كامبرادوري اسمه عزيز أخنوش، لا يهمه أي شيء سوى الجمع بين السلطة والثروة من أجل الارتقاء في سلم الإثراء على المستوى العالمي بعد أن تمكّن من انتزاع لقب أغنى رجل في المغرب على مستوى رجال الأعمال. ولن يتأتّى له ذلك إلا برهن اقتصاد البلاد للدول الامبريالية التي تعمل بدورها على افشال المشاريع المقدمة من طرف ابناء الوطن الشرفاء وعرقلة حصولهم على التراخيص والوثائق الإدارية اللازمة. وبالمقابل فتح المجال أمام المستثمر الأجنبي، وإغرائه بامتيازات يسيل لها اللعاب، من إعفاء ضريبي قد تصل إلى خمس سنوات، وتسهيل اقتناء ارض المشروع بثمن رمزي وأحيانا بالمجان، وتبسيط الإجراءات الإدارية، بل إن إنشاء الطرق السيارة والمطارات وتوسعة وتجهيز الموانئ، كل ذلك لخدمة المستثمر الأجنبي وله فيها فوائد شتى، حيث يركزون استثماراتهم في مشاريع كبرى تدر عليهم أرباحا طائلة، تتحكم معظمها في السيادة الاقتصادية للبلاد.
وأما المستثمر الوطني، سواء كان من اعضاء الجالية المغربية بالخارج، أو من داخل المغرب، فاليس لهم سوى العراقيل المتنوعة والتافهة. ومن أسف، أن نجد بعض المؤسسات سواء بقصد أو بدون قصد تساهم في عرقلة المشاريع الوطنية، وعلى رأسها الوكالات الحضرية التي ابتعدت عن الأدوار التي أنشئت من أجلها وهي تشجيع واستقطاب الاستثمارات الوطنية. سألني صاحبي: وأين الخلل؟ هل في المؤسسة أم في القائمين عليها؟ قلت: للإنصاف، وحسب معلوماتي التي استقيها من خلال متابعة أحوال مغاربة العالم، فهناك وكالات يتواجد بها مواطنون شرفاء، يحبون وطنهم، ويقومون بأعمالهم التي أوكلت لهم على أحسن ما يرام، ولكنهم أقلية وسط استشراء الفساد المتحكم فيه من أعلى.
نظر إلي صاحبي نظرة ملؤها الأسى وقال: إذا لم يبق لنا –نحن مغاربة العالم- من خلاص سوى المغادرة، بحثا عن وطن بديل لنستثمر فيه. ولتتحمّلْ حكومة أخنوش مسؤوليتها الكاملة في تهجير الرأسمال الوطني نحو وجهات أخرى.
فلاش: قلتُ ولا أزال عند قولي: إن حكومة أخنوش تشكل خطرا على استقرار المغرب، سواء على المستوى الداخلي حيث هناك تراجعا خطيرا في المجال الاجتماعي، وارتفاع كبير في نسبة الهشاشة والفقر، وانتشار الجريمة وارتفاع نسبة الأمية، والهدر المدرسي والهجرة الجماعية للكفاءات والشباب. أم على مستوى ارتهان مقدرات البلاد وثرواتها للمستعمر الأجنبي الذي لا يهمه سوى النهب والسلب، لذلك وجب رحيلها فقد فات الأوان.