
مغرب العالم / يوسف دانون

من المحزن – بل من المعيب – أن يُسجَّل في قلب فرنسا، بلد الأنوار، هذا السقوط الأخلاقي والسياسي لعمدة مدينة نانسي التي اختارت أن تفتح أبواب بلديتها لكيان وهمي لا وجود له في سجلات التاريخ، ولا شرعية له على أرض الواقع، في تحدٍ سافر ليس فقط للشرعية الدولية، بل وللموقف الرسمي لفرنسا ذاتها، التي أعربت مرارًا عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي تحت السيادة المغربية.
فيا عمدة نانسي، دعينا نمنحك درسًا في التاريخ، مجانًا:
الصحراء ليست نزاعًا، بل امتداد
الصحراء المغربية لم تكن يومًا أرضًا بلا هوية، بل هي امتداد عضوي لعرش علوي موغل في القدم، بايعته قبائل الصحراء طوعًا منذ قرون. من وادي الذهب إلى السمارة، كانت البيعة رابطة سياسية ودينية وثقافية متينة تربط سكان الجنوب بالملوك العلويين، وهذه الحقيقة مدونة في الوثائق والظهائر والسجلات التي تحفظها أرشيفات المغرب وفرنسا على السواء.
المغرب لم يرسم حدوده بالأمس
حين كانت فرنسا تكتشف العالم، كان المغرب يمارس سيادته على أراضيه الممتدة من شماله إلى أقاصي صحرائه. قبل أن تولد فكرة “البوليساريو” في دهاليز الحرب الباردة وأقبية المخابرات، كانت الصحراء تُدار من فاس ومراكش والرباط، وكانت قوافل التجارة تمر بسلام في ظل السيادة المغربية.
البوليساريو ليس حركة تحرير، بل أداة توتر
الكيان الذي تسعين للترويج له ليس “حركة تحرر”، بل أداة وظّفتها أنظمة إقليمية لتقويض استقرار المغرب والمنطقة. سجله الحقوقي مثقل بالانتهاكات، من التجنيد القسري للأطفال إلى مصادرة حرية التنقل في مخيمات تندوف. أليس الأولى بكِ أن تستضيفي ندوة عن حقوق الإنسان في تلك المخيمات المغلقة عوض مهرجانات للتهريج السياسي؟
فرنسا ليست معك، بل مع المغرب
من قصر الإليزيه إلى مقر وزارة الخارجية، تعترف فرنسا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية وتدعم الحل السياسي المغربي الواقعي. فهل تعتقدين أن منصبك البلدي يمنحك صلاحية التحدث باسم الجمهورية الفرنسية أو مصادرة سياستها الخارجية؟
سيدتي العمدة، حين يجهل المسؤولون التاريخ، يصبحون أدوات في أجندات الآخرين. أما نحن، أبناء المملكة المغربية، فنستند إلى تاريخٍ عريق وشرعية لا تهتز. والصحراء ليست موضوع نزاع، بل قضية شعب، وامتداد وطن، وعهد متين بين العرش والشعب.
فليكن واضحًا:
الصحراء في مغربها، والمغرب في صحرائه، ومن لا يعجبه التاريخ، فليشرب من ماء البحر .
