مع تفاقم وقوع الكوارث الطبيعية مؤخرا بشكل ملحوظ، من حرائق الغابات والأعاصير والفيضانات إلى موجات الحر الطويلة، يبدو أن المستقبل لا يحمل الكثير من الصور المشرقة، خاصة وأن الأمر بات متعلقا بشكل واضح بأزمة تغير المناخ التي أصبحت حديث العامة والخاصة على حد سواء.
وتشير دراسة لجامعة دارتموث إلى أن السيناريو الأسوأ لارتفاع مستوى سطح البحر عالميا مع ذوبان الصفائح الجليدية القطبية غير مرجح إلى حد كبير (جامعة دارتموث).
ومن النقاط الحاسمة التي تتطرق إليها تداعيات الاحتباس الحراري هي ارتفاع مستوى سطح البحر، الذي يشكل تهديدا حقيقيا للعديد من المدن الساحلية التي يقطنها أكثر من ملياري شخص، وفي ضوء ذلك تفتح دراسة حديثة بصيصا من الأمل وتطرح نظرة مختلفة في هذا الجانب.
تشير الدراسة التي أجرتها جامعة دارتموث إلى أن السيناريو الأسوأ لارتفاع مستوى سطح البحر عالميا مع ذوبان الصفائح الجليدية القطبية غيرُ مرجح إلى حد كبير، مع تأكيدها أن فقدان الكتلة الجليدية للكوكب يظل مصدر قلق وخطر.
وتخالف الدراسة المنشورة في دورية “ساينس أدفانسيس” التوقعات الصادرة عن التقرير الدوري للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة. ويحذّر التقرير، في نسخته السادسة التي صدرت العام الماضي، من عواقب وخيمة تنتظر كوكب الأرض على المدى القصير والطويل تتعلق بأزمة المناخ العالمية، بما في ذلك سيناريو يشير إلى أن انهيار الصفائح الجليدية في القارة القطبية الجنوبية قد يرفع مستويات سطح البحر إلى درجات أعلى بكثير مما كان متوقعا.
ويفصل التقرير بأن مستويات سطح البحر قد ترتفع إلى ضعف ما تتنبأ به الدراسات السابقة بحلول عام 2100، وإلى ثلاثة أضعاف بحلول عام 2300. رغم أن اللجنة الدولية للتغيرات المناخية صنفت هذا التنبؤ بأنه “ضعيف الاحتمال”، فإن هذه القضية أثارت مخاوف العديد من اللجان والمنظمات البيئية، وكذلك على مستوى الحكومات التي تعتمد اقتصاديا بشكل كبير على الموانئ والنقاط الساحلية.
تتحدى الدراسة الحديثة هذه المزاعم من خلال الاعتماد على آلية افتراضية تُعرف باسم “غياب استقرار المنحدر الجليدي البحري”، إذ استخدم الباحثون في دراستهم ديناميكيات معقدة للصفائح الجليدية، وركزوا على نهر “ثويتس” الجليدي في القارة المتجمدة، الذي يُعرف غالبا باسم “نهر يوم القيامة الجليدي” بسبب ذوبانه السريع وإمكانية رفع مستوى سطح البحر بشكل كبير عالميا.
وأظهرت نتائج المحاكاة التي أجراها الباحثون أنه من غير المرجح أن ينهار نهر “ثويتس” الجليدي بسرعة خلال القرن الحادي والعشرين، رغم إشارة دراسة سابقة هذا العام إلى أن مياه هذا النهر بدأت بالتسرب تحته قاطعة عدة كيلومترات.
نهر ثويتس الجليدي (ويكيبيديا)
ويشير هذا الاكتشاف إلى أن النماذج الفيزيائية التي تعتمد عليها التوقعات المبالغ فيها في تقرير الهيئة الحكومية الدولية قد تكون غير دقيقة، مع ما يترتب على ذلك من آثار مهمة على التخطيط على أرض الواقع، حيث يعتمد صناع السياسات وأصحاب النفوذ غالبا على نماذج “النتائج الأسوأ” لاتخاذ القرارات بشأن حماية المجتمعات الساحلية سواء ببناء “جدران تسونامية” على حدود الساحل، أو نقل السكان إلى أماكن أكثر أمانا.
ويوضح ماثيو مورلجيم أستاذ علوم الأرض في جامعة دارتموث والمؤلف المشارك في الدراسة، في البيان الصحفي الصادر عن الجامعة أن الدراسة لا تدّعي أن ذوبان الجليد سيتوقف، أو أن منسوب المياه لن يرتفع، لكنها تشير إلى ضرورة التعامل بحذر مع التوقعات “المتطرفة”، مع أهمية إجراء المزيد من الدراسات حول مسألة ارتفاع منسوب المياه وذوبان الجليد وفقا للمعدلات الحقيقية.
المصدر : مواقع إلكترونية