الصحافي أمين بوشعيب/إيطاليا
اقترب الوعد الحق، واقترب معه زوال الباطل، ذاك الذي طالما تجبّر وطغى واستباح المقدسات، وأذاق الأبرياء الويلات. لم تعد نهاية الكيان الصهيوني، أو ما صار يُعرف اختزالاً بـ”إسرائيل”، مجرد تحليل استراتيجي أو نبوءة عاطفية، بل أصبحت حتمية قرآنية، وسننًا تاريخية، ومقدمات واقعية تعصف به من الداخل وتنهشه من كل صوب.
قال تعالى في سورة الإسراء: ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا )
لقد حدّد القرآن مصير هذا الكيان بوضوح: إفسادان كبيران، يرافقهما علوّ واستكبار، يعقبهما عقاب شديد من عباد لله أولي بأسٍ شديد. وما نراه اليوم من عدوان غاشم على غزة، ومن توحش همجي ضد النساء والأطفال، ليس إلا المرحلة الأخيرة من هذا العلو، الذي يعقبه الانحدار الكبير والسقوط المدوي. فجاء “طوفان الأقصى” المبارك ليبيّن زيفَ القوة الإسرائيلية، وأسقط الهالة الأسطورية لما سُمّي ذات يوم بـ”الجيش الذي لا يُقهر”. فجأة تحوّلت قواعد الردع الصهيونية إلى رماد، وتهاوت أسوارها النفسية والعسكرية في وجه أبطالٍ حفاة، لا يملكون من الدنيا سوى إيمانهم وسلاحهم ودمهم.
بعد ذلك جاء الصاروخ اليمني ليدخل الرعب في الإسرائيليين ويتسبب في فرار الملايين منهم إلى الملاجئ، ويكبد الدولة خسائر فادحة ويكشف هشاشة القبة الحديدية التي طالما تغنّى بها الصهاينة، ويثبت أن الردع بالفعل لا بالكلام، ويربك حسابات العدو الصهيوني.
وها نحن اليوم أمام مشهد استثنائي في تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني: إنه الرد الإيراني على إسرائيل الذي جاء حاسمًا، ويحمل في طياته رسائل استراتيجية بالغة القوة أولها أن إيران لم تعد تكتفي بالدعم غير المباشر عبر الحلفاء، بل باتت مستعدة للرد العسكري المباشر عندما ترى أن خطوطها الحمراء قد تم تجاوزها. وثانيها أن إسرائيل، التي طالما راهنت على ردع الجميع، باتت اليوم تواجه ردعًا مضادًا تجاوز كل حسابات المؤسسة الأمنية والعسكرية فيها. وثالثها أن ميزان الردع في المنطقة قد يكون بصدد إعادة التشكل، بفضل محور المقاومة الذي بات يمتلك اليد الطولى في المبادرة والرد.
ما يجري اليوم ليس مجرد معركة، بل إعادة تشكيل لموازين القوى. والنهاية باتت مسألة وقت، لأن الغطرسة الإسرائيلية بلغت ذروتها، ولأن دعاء المظلومين اخترق حجب السماء، ووصل إلى ربّ لا يخذل عباده الصابرين. ها هي الأيام تكشف ما وعد الله به عباده الصادقين، وتفضح كذب كيان غاصب لم يُبنَ إلا على الدم والدمار.
“إسرائيل” – ذاك الكيان المصطنع – قد علا وتجبر، فبلغ الطغيان منتهاه، لكن سنّة الله لا تحابي أحدًا، وإذا جاء وعد الآخرة، سُوِّي البنيان، وتهاوت الأبراج، وذُلّ المستكبرون. لقد اقترب الوعد الذي بشّرت به الكتب، وتنبّأ به التاريخ، وينبض به وجدان الأمة. إن زوال “إسرائيل” ليس أمنية، بل وعد حق، يحمل بشائره المجاهدون، ويكتبه الصابرون، ويمهد له كل صوت حر لا يزال يصدح بالحق في زمن الصمت.
إن طوفان الأقصى، والصواريخ اليمنية، والصواريخ الإيرانية، لم تهزّ إسرائيل وحدها، بل ضرب قلب النظام العالمي المنافق. هذا النظام الذي يتشدق بالحرية وحقوق الإنسان، بينما يموّل مجازر الصهاينة ويدافع عنهم في مجلس الأمن والمحافل الدولية. الغرب كله بات عارياً: أخلاقه، قيمه، ديمقراطيته… كلها سقطت في غزة.
فلاش: من يظن أن زوال الكيان الصهيوني مجرد احتمال أو وهم، فهو لم يقرأ التاريخ جيداً، ولم يتدبّر كلام الله عز وجل في كتابه العزيز. إن نهاية إسرائيل ليست أمنية، بل وعد إلهي، قد كُتب في اللوح المحفوظ، وكتب في السنة النبوية المحفوظة بإذن الله.
وهاك أيها الواهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلاَّ الغرقد فإنه من شجر اليهود) ثم اذهب إلى بيت المقدس، لتجد أن حيث أكثر شجر فيها هو الغرقد، حيث يُكثر اليهود من زراعته، وهي العلامة الكبرى على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق ما يبلغ عنه، وكدليل قطعي لا يقبل الشك من أن نهايتهم أوشكت قريبة بإذن الله.
والمثير أن الحديث النبوي الذي رواه مسلم، جاء ليحسم مصير المعركة. ولذلك نقول بثقة لا تعرف الشك: زوال إسرائيل ليس خرافة ولا حُلماً، بل حقيقة ربانية تسير نحو التحقق بخطى ثابتة. وها هم رجال المقاومة يُمهّدون لهذا اليوم، من أكناف بيت المقدس، ومن غزة، ومن كل بقعة أبية لا تزال تؤمن أن النصر وعدٌ إلاهيّ لا يتخلف. “وكان حقًا علينا نصر المؤمنين”فهل بعد وعد الله وعد؟
أمين بوشعيب / إيطاليا
