
بقلم : ذ. سهام كمراوي

الاحتجاج السلمي هو حق أصيل نص عليه دستور 2011 في الفصل 29 ، حيث أكد على حرية الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي ، وهو بذلك يضع هذا الحق في مصاف الحريات الأساسية ، لا كمنحة تمنح ، بل كضمانة يجب أن تفعل .
غير أن المسافة بين النص والممارسة تكشف هشاشة هذا الحق في التطبيق ، وافتقاده لإطار قانوني دقيق ، فالاحتجاج في الواقع المغربي ، يظل محكوماً بمقتضيات ظهير 15 نونبر 1958 المنظم للتجمعات العمومية ، وهو نص وضع في سياق تاريخي مختلف ، ولا يرقى إلى مواكبة التحولات التي يعرفها المجتمع اليوم .
ففي غياب قانون تنظيمي واضح يفصل ضوابط الاحتجاج ويحدد مسؤوليات كل طرف ، تتحول ممارسة هذا الحق إلى مجال للتأويل ، وتترك السلطة التقديرية بيد الإدارة أو السلطات المحلية ، التي قد تعتبر كل شكل من أشكال التعبير الجماعي تهديدا للأمن العام حتى وإن تم بسلمية وانضباط .
ويزداد الأمر تعقيدا حين يصبح التصريح المسبق بالاحتجاج أداة للمنع ، بدل أن يكون مجرد إجراء تنظيمي كما ورد في النص القانوني . فكلما تم رفض تصريح أو تفريق وقفة سلمية ، نجد أن الواقع القانوني لا يزال يختزل حرية التعبير في حدود المسموح به إداريا ، لا في نطاق الحق الدستوري المكفول .
وهذا التوتر بين الاعتراف الدستوري والتقييد العملي يعكس حاجة ملحة لإصلاح تشريعي شامل ، يعيد الاعتبار لحق الاحتجاج كوسيلة حضارية للتأثير والتغيير ، لا كحالة استثنائية يجب احتواؤها .
وهي مسؤولية الدولة بكل مؤسساتها ، التي يفترض أن تحصن هذا الحق لكي لا يفرغ من مضمونه .