بروكسل: الصحافي يوسف دانون
تبقى وزارة الخارجية في جل دول العالم من اهم الوزارات باعتبارها من الوزارات السيادية , لكونها ( المطبخ ) الذي تصنع فيه سياسات الدول وتصاغ علاقتها الخارجية , كما تحدد مواقف الدول فيما يجري من احذاث حول العالم, وكذلك دورها في كل ما يتعلق بالجاليات التابعة للدولة , اضافة الى العديد من الوظائف والمهام الاخرى .
فأهمية وزارة الخارجية وقوة تأثيرها يعتمد بشكل كبير على شخصية الوزير الذي يشغلها , او كما يقول المثل ( الفرس من الفارس ) , فإذا كان يتمتع بشخصية قوية وقدرة على استشراف المستقبل وعمق التحليل, مع قراءة صحيحة للواقع , كما وقدرة بناء وإقامة العلاقات فإنه بالضرورة سيقود وزارته بكفاءة عالية , كما يؤهله لاستثمار علاقاته في تليين او حتى تغيير مواقف الدول الاخرى فيما يتعلق بقضايا البلاد .
لكن يبقى أداء الديبلوماسية المغربية في ملف الدفاع عن قضيتنا الاولى , حيث العمل الديبلوماسي لم تكن تضع المهنية كركيزة لاشتغاله, ولم توفق في عدد من القضايا بشكل ملائم , حيث انها لاتقوم على اي اساس نظري تحليلي يرسم خططها وتصوراتها ومصالحها الوطنية واهدافها البعيدة والقريبة , بل ان موقفها تطبعه الظرفية والاستثنائية .
فمن المنطلقات المترسخة في الديبلوماسية المغربية والتي اصبحت مسلمات بديهية , وتتمثل في الصمت السياسي والهيمنة الادارية البيروقراطية المركزية , والاولوية للاعتبارات الشخصية احيانا على حساب الاعتبارات السياسية او الاقتصادية او الثقافية , اضافة الى نوع من النقصان المهني .
فبحكم ان بلادنا لاتتوفر على مؤسسات او اكاديمية لتكوين الديبلوماسيين, نظرا للاغلبية الساحقة من الديبلوماسيين تخرجوا من المدرسة الادارية , او ثم اقتراحهم من الاحزاب السياسية , والدليل على ذلك نجد بعض السفراء والقناصلة بقوا في مناصبهم لفترة طويلة وأداؤهم غير معروف واشتغالهم ليس له اي تأثير يذكر , بالرغم من وجوه ديبلوماسية تتوفر فيهم الحكمة والعقلانية.
وبعد النظر وحسن التدبير والضرب بيد من حديد ضد اي عدوان ومواجهة خصوم الوحدة الترابية للبلاد , نراهم لايعمرون في مناصبهم رغم قوتهم وقوة شخصيتهم كمغاربة اوفياء للعرش المجيد , وهذا ان دل فانما يدل على الضعف النظري للاختيارات, فليس من الضروري ان نتساءل عن الاوضاع الملموسة القائمة على تلك التمثيليات الديبلوماسية من الناحية السياسية والمالية وطبيعة العاملين فيها ,والميزانية العامة المخصصة لتدبير وتسيير العمل بها , لان هذا الجانب من النشاط الديبلوماسي العام , حيث يثير الكثير من التساؤلات المرتبطة بالجدوى وكيفية صرف المال العام, فضلا على السلوك الديبلوماسي للقائمين على هذه التمثيليات, لان الادارة المركزية هي التي ترسم وتأمر وتوجه في كل مايتصل بالعمل الديبلوماسي الذي من المفروض ان يتسم بالطرق المناسبة في ضوء الاوضاع الخاصة .
ولنا عودة في الموضوع …