الجزأ الثاني
رفض وصاية حوانيت المظلات الإيديولوجية، و المفاهيم الكولونيالية.
بنفس القوة التي نرفض بها مقاربة الحكومات المتعاقبة و مجلس الجالية لقضايا مغاربة العالم، نرفض كذلك الوصاية الأبوية التي تأتينا من بعض الأوساط من داخل المغرب٠
هذه الوصايات التي تريد بعض التيارات السياسية و الإيديولوجية و الفكرية ان تفرضها علينا، و ما هي في حقيقة الأمر إلا خدمة زبونية لصالح بعض الأصوات النكرة من مغاربة العالم، الفاقدة للتمثيلية و أدوات التفكير، التي توظف هذه الوصايات الإيديولوجية لتستقوي بها على باقي الفاعلين داخل المغرب و خارجه.
كما نعرب عن معارضتنا و رفضنا لكل المحاولات الرامية إلى اختزال هويتنا الثقافية الوطنية في فلكلور وعادات و تقاليد ثقافية واجتماعية بدائية، وفقا لمخططات الأنتروبولوجيا الإستعمارية البائدة، على منوال مشروعي الظهير البربري و التعليم باللغة العربية الدارجة، التي تعيد إحيائها بعض الأوساط تحت مفهوم “تمغربيت”، الذي يراد له ان يصبح عنوان هوية مغاربة الداخل والخارج.
و نشهر في وجه هذا المفهوم الاستعماري مفهوم الهوية و الشخصية و الإنسية المغربية بروافدها الأمازيغية و العربية الإسلامية علاوة على رافد التجارب الثقافية و الإجتماعية و الإنسانية لمغاربة المهجر.
هذه الهوية و الإنسية المغربية الغنية بجميع أبعادها، رعتها و حافظت عليها و شاركت في نحتها و إشعاعها، على مر العصور، نخب من مغاربة الداخل و الخارج، رائدة في مجالات النضال و الفكر والعلوم و الدين و الثقافة و الفنون و الرياضة و الجامعة و السياسة والإقتصاد و المال و الأعمال و المجتمع المدني٠
كما شكل نضال مجموعة النشطاء والأكاديميين الأمازيغ و الحركة النسوية، من داخل المغرب ومن صفوف مغاربة الشتات، دفعة قوية أعطت بعدا جديدا لهويتنا الثقافية الوطنية و إنسيتنا و شخصيتنا الحضارية ضدا على التصورات التي تحملها الأنتروبولوجيا الاستعمارية و المقاربات الاستشراقية الاختزالية التي خرج منها مفهوم “تمغربيت”، الذي كان في وقت سابق شعارا للحزب الذي كان ينعت بالوافد الجديد، و يحضر اليوم كمفهوم توظفه موجة التطبيع مع الكيان الصهيوني.
الانتقال بجمعياتنا إلى مرحلة الترافع السياسي من أجل الحقوق الديمقراطية و المواطنة.
إن حساسية المرحلة تفرض علينا ان تكون المرافعة السياسية من أجل حقوقنا هي عنوان جميع مبادراتنا في المراحل المقبلة. و يعني هذا ان تتحول جمعياتنا و منظماتنا، القادرة على ذلك، إلى منابر سياسية نعبر من خلالها عن مواقفنا من القضايا السياسية و الحقوقية و إزاء أسئلة الشأن الديني و الثقافي و كل ما يتعلق بتدبير السياسات العمومية.
و يترتب عن هذا التوجه القيام برفع درجة وعي الفاعلين الجمعويين من أبناء جاليتنا، و خصوصا الشباب منهم بأهمية حملات التوعية و التحسيس حول حقوقهم المنتهكة وتجريدهم من حقهم الدستوري في المشاركة السياسية عكس جل الجاليات المهاجرة التي قامت دولها الأصل بالإصلاحات الإدارية و المراجعات الدستورية الضرورية و تعديل قوانينها الانتخابية لتسهيل و إنجاح عملية الاقتراع بدوائر انتخابية بالخارج. و يتطلب هذا التطور الانخراط في عملية التكوين على النضال السياسي، بتنظيم المحاضرات و الدروس و الندوات و حملات التوعية و التحسيس والتجمعات و المظاهرات والوقفات الاحتجاجية كلما دعت الضرورة، و ذلك في إطار احترام المقدسات و الثوابت و مقتضيات القانون.
و من المؤكد أننا لن نجد كثيرا من الأيادي الممدودة لمساندتنا و دعمنا في هذا التوجه، من داخل المغرب باستثناء شخصيات علمية و سياسية و مراكز بحث تحسب على رؤوس الأصابع عودتنا على الوقوف بجانبنا بشجاعة سياسية و أخلاقية تحسب لهم٠و لرفع هذا التحدي لا مندوحة عن الإعتماد على إمكانياتنا الذاتية و المعنوية و طاقاتنا واطرنا التي يزخر بها مغاربة العالم لتأسيس ما نحتاج له من تنظيمات و فرق للبحث و الدرس والتحليل علاوة على أدوات التكوين و النشر و التواصل الاجتماعي السمعي البصري والمنصات الرقمية٠
مواقف و مآخذات٠
وإذا كنا لا نتردد في الدفاع عن مصالح المغرب و ثوابته، و ننوه بما تقوم به الأجهزة الامنية دفاعا عن المغرب و المغاربة ضد التهديدات الامنية و المؤامرات الإرهابية وفي كل ما يتعلق بالمس بمقدساته و مؤسساته و وحدته الترابية، و صد المتربصين باستقراره و أمنه، فإننا نستنكر أعمال و وشايات و تهديدات بعض الأقلام و الوجوه البئيسة من جاليتنا التي تدعي، زورا و بهتانا أنها دروع لهذه الأجهزة الأمنية، من أجل الاسترزاق و الإبتزاز، و أنها محمية من هذا الجهاز او ذاك ضدا على المناضلين الحقيقيين و الفاعلين الجمعويين الجادين من مغاربة العالم. و لوضع حد لهذه الأفعال التي تسيء في آخر المطاف لسمعة بلادنا و إصلاحاتها السياسية و الحقوقية و التنموية و تخلق عوامل التوتر و البلبلة بين أفراد جاليتنا، نتمنى تدخل المصالح المعنية للقيام بواجبها٠
كما نعتبر تدبير الشان الديني لمغاربة العالم الذي يبتلع ميزانية ضخمة دون محاسبة أو مراقبة، تدبيرا دون المستوى، لا يليق بالمكانة التي تحتلها إمارة المومنين في مشهدنا الديني و منظومة مقدساتنا٠ و نحمل مسؤولية هذا الوضع المؤسف للقائمين على شؤون المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، الذي لم يرق منذ تنصيبه إلى مستوى التحديات و الاختراقات التي تواجهها الجالية المغربية المسلمة، و لا إلى مستوى الرسالة التي كلفه بها جلالة الملك، وكذلك بغيابه عن المحافل الأكاديمية و الدولية التي تعنى بحوار الديانات و المعتقدات و الحضارات، باستثناء حضور باهت و بعض التظاهرات البروتوكولية و موائد الضيافة للزبناء و المحظوظين ممن انعمت عليم مشيخة المجلس الموقر.
و لهذا، و اعتبارا للأهمية البالغة التي نوليها لهذا الورش الجسيم، ندعو إلى إعادة هيكلته بما يضمن له سبل النجاح في أداء رسالته الدينية و الروحية و الحضارية، التي ما أحوج مغاربة الشتات إليها .
لماذا تكرهنا النخب المغربية القريبة من مراكز القرار، من داخل المغرب، لهذا الحد، و تتفنن في اساليب إقصائنا و تهميشنا، بمعاملات تتجاوز، في بعض الأحيان، مستويات التهميش و التمييز التي تعاملنا بها الأوساط اليمينية المتطرفة في كثير من دول إستقرارنا. لماذا تصد في وجوه الكافاءات المغربية بالخارج، أبواب الانخراط في إنجاح الإنتقال الديمقراطي و التنمية و الاستثمار و المقاولة و إدارة المشاريع بالمغرب، بخلق مساطير و عراقيل لا قبل لنا بها.
لماذا تنزلنا بعض الأوساط المغربية المسؤولة منزلة أقل شأنا من منزلة السياح و الأجانب الاوروبيين المقيمين بالمغرب، و مرتبة أدنى من المتورطين في جرائم الحرب و جرائم ضد الإنسانية و عمليات التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
انتهى الجزأ الثاني
ويليه الجزأ الثالث
بروكسل، 19 نونبر 2024
عن
سكرتارية التنسيقية الديمقراطية
الشتات المغربي
[email protected]
عبدالعزيز سارت