

الدكتور زكرياء بوسحاب
باحث في العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
جامعة القاضي عياض
مقدمة:
تعتبر العناية بالمرأة وتوفير الظروف المناسبة لها لتؤدي دورها الفاعل في المجتمع من أبرز أولويات الدول التي تسعى لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة. وفي هذا السياق، كانت المملكة المغربية تحت قيادة مولانا أمير المؤمنين الملك محمد السادس نصره الله من الدول الرائدة في مجال تعزيز حقوق المرأة وإعطائها مكانتها المرموقة داخل المجتمع، وقد توجت هذه العناية بمختلف المبادرات والقرارات التي تهدف إلى تمكين المرأة المغربية على مختلف الأصعدة.
وفي هذا المقال، سنسلط الضوء على العناية التي أولها الملك محمد السادس للمرأة المغربية من خلال الجوانب السياسية، القانونية، الاجتماعية والاقتصادية، مع التركيز على الإنجازات البارزة التي تحققت في هذا المجالات.
المطلب الأول: العناية الملكية بالمرأة في المجال السياسي والقانوني
منذ تولي الملك محمد السادس العرش في عام 1999، أصبح هناك اهتمام واضح بتحقيق التوازن بين الجنسين في جميع مجالات الحياة العامة، خاصة في المجال السياسي، فقد أظهر جلالة الملك التزامًا راسخًا بتحقيق المساواة بين المرأة والرجل، وذلك من خلال تحفيز التشريعات التي تحمي حقوق المرأة وتعزز مشاركتها في الحياة السياسية.
- مدونة الأسرة:
إن الإصلاحات التي أُدخلت على مدونة الأسرة تعد واحدة من أهم الإنجازات في مجال حقوق المرأة، فقد شكلت هذه المدونة طفرة نوعية منذ 2004 ساهمت بشكل كبير في تعزيز حقوق المرأة في العديد من القضايا من زواج وطلاق وتطليق وما إليه. هذا الإصلاح أرسى قواعد أكثر عدالة ومرونة في العلاقات الأسرية وضمن للمرأة مكانة أكثر احترامًا في الأسرة والمجتمع. - تمثيل المرأة في المؤسسات السياسية:
عمل جلالة الملك محمد السادس على تعزيز مشاركة المرأة في مؤسسات الدولة من خلال منحها فرصًا أكبر للتمثيل السياسي، فقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة في عدد النساء اللاتي تم انتخابهن في مجلس النواب، كما تم تعيين نساء في المناصب الوزارية والقيادية على مختلف المستويات. تمثل هذه الخطوات جزءًا من توجه شامل لتعزيز حقوق المرأة في المجال السياسي وضمان تمثيلها العادل.
المطلب الثاني: العناية الملكية بالمرأة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية
لم تقتصر عناية الملك محمد السادس بالمرأة على المجالين السياسي والقانوني، بل شملت أيضًا الجوانب الاجتماعية والاقتصادية. فقد تم تخصيص العديد من البرامج والمشاريع الاجتماعية التي تهدف إلى تحسين أوضاع المرأة الاقتصادية والاجتماعية، مما ساعدها على الاندماج بشكل فعال في سوق العمل والمشاركة في التنمية الاقتصادية.
1- التعليم والتوعية:
في إطار العناية الملكية بالمرأة، عملت المملكة المغربية على تعزيز حقوق التعليم للفتيات والنساء. فقد شجعت الحكومة المغربية على توفير الفرص التعليمية للفتيات في مختلف المستويات التعليمية. كما تم تخصيص برامج توعية تهدف إلى تحفيز النساء على تعزيز مشاركتهن في سوق العمل من خلال التدريب المهني وتعليمهن المهارات التي تساهم في رفع مستواهن الاقتصادي والاجتماعي.
2- تمكين المرأة اقتصاديًا:
اهتم جلالة الملك محمد السادس بتشجيع المرأة على العمل والمشاركة الاقتصادية من خلال تبني العديد من السياسات الداعمة لهذا المجال، فقد تم إنشاء برامج خاصة لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة المملوكة من قبل النساء، مما ساعدهن على تعزيز استقلالهن المالي، كما أسهمت مبادرات ملكية أخرى في تحسين الوصول إلى الموارد المالية والمساعدات للنساء في الأرياف والمناطق النائية، مما سهل عليهن تأسيس مشاريع اقتصادية خاصة بهن.
المطلب الثالث: الاهتمام الملكي بالمرأة في مجال الصحة
إلى جانب ما سبق، قدمت العناية الملكية للمرأة المغربية في مجالات الصحة ، حيث عمل جلالة الملك محمد السادس على تحسين ظروف المرأة الصحية وتمكينها من حقها في الرعاية الصحية الأساسية. - الرعاية الصحية للأم والطفل:
قام الملك محمد السادس بتوجيه الحكومة إلى تحسين الخدمات الصحية المقدمة للمرأة، خاصة في مراحل الحمل والولادة، حيث تم إطلاق العديد من المبادرات الصحية التي تهدف إلى تقليل معدلات وفيات الأمهات والأطفال في مختلف أنحاء المملكة، خاصة في المناطق النائية. - التوجيه والإرشاد النفسي:
بالإضافة إلى الرعاية الصحية الجسدية، كان للمرأة المغربية نصيب في المبادرات النفسية التي تهدف إلى تحسين رفاهها النفسي، تم تأسيس مراكز استشارية تهتم بالمرأة وتساعدها في مواجهة الضغوط النفسية والاجتماعية التي قد تعترض حياتها اليومية، لاسيما النساء المعنفات.
خاتمة:
إن عناية الملك محمد السادس بالمرأة المغربية تُعد نموذجًا يحتذى به في المنطقة المغاربية والعالم العربي. من خلال إصلاحات قانونية، تشريعات اجتماعية، ومبادرات اقتصادية تهدف إلى تعزيز دور المرأة وتمكينها من المشاركة الفاعلة في المجتمع، وتجسد هذه العناية التزام جلالة الملك محمد السادس العميق بمبادئ العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة، وهو ما يعكس رؤية ملكية واضحة تهدف إلى تعزيز مكانة المرأة داخل المجتمع المغربي، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة والشاملة للمملكة.