بقلم : ذ. فؤاد السعدي
حتى وإن لم يكن تواجدي فعليا بمدينة مكناس التي تحتضن هذه الأيام فعاليات المهرجان الوطني للدرما التلفزية، فهذا لم يمنعني من متابعة أدق التفاصيل المتعلقة بحفل افتتاح النسخة 12 التي جرت أطوارها يوم الجمعة الماضي. فرغم بعد المسافة إلا أنني كنت في اتصال مباشر عن كل ما يجري ويدور صغر شأنه أو كبر سواء بكواليس هذا المهرجان أو خارجه، فلا شيء يعصى على التكنولوجيا الحديثة، وخصوصا إذا كان لديك أصدقاء على بينة مما تُخبئه قاع “الخابية” حيث يخزن كل شيء يتعلق بالمهرجان “لدواير الزمان” ما لم يفسد ما بداخلها، يعني “الخابية” وتصل رائحة نثانته إلى أنوف “العادي والبادي”، وعندئذ تبدأ حكايات أخرى.
تابعت حفل الإفتتاح وصدمت بالكثير من وقائع التجاوزات التي حصلت أثناءه سواء من الناحية التنظيمية أو التقنية. فوضى وتخبط لا تستحقهما مدينة مكناس التي باتت تعيش على وقع الفضائح و”الشوهة”، فلا تكاد تخمد واحد حتى تبرز أخرى أشد هولا وفضاعة من سابقتها في غياب أدنى حس بالمسؤولية سواء من طرف مسؤوليها أو من قِبل أبنائها.
فبعد فضيحة اللوحات الإشهارية أيام المعرض الدولي للفلاحة التي كان بطلها جواد باحجي رئيس جماعة مكناس الذي تمكن في ظرف وجيز من جعل العاصمة الإسماعيلية أضحوكة ومحط سخرية العالم، استفاق الشارع المكناسي مرة أخرى على فضيحة جديدة بطلها هذه المرة إدارة مهرجان الدراما التلفزية الممول حصريا من طرف دافعي الضرائب، عندما وجه الدعوة الى إحدى الوجوه المثيرة للجدل بمواقع التواصل الإجتماعي، قبل أن تتدارك نفس الإدارة هذه الهفوة وتعلن للعموم أن المعنية لم تتلق أي دعوة رسمية من أي جهة تنظيمية، وأن حضورها في حفل الافتتاح الذي احتضنته قاعة الفقيه محمد المنوني تم دون علمها، قبل أن تؤكد أن مرورها فوق البساط الأحمر كان بمبادرة منها، ولم يكن ممكنا منعها من ذلك بحكم أنها كانت رفقة بعض المدعوين. وهو ما اعتبره البعض عذرا أقبح من الزلة، وإعلان صريح على فشل الإدارة المعنية في تدبير حفل الافتتاح الذي يعتبر الواجهة الأمامية للمهرجان وإطارا تعلق عليه إما النجاحات أو الإخفاقات، وصورة واضحة للأسلوب العبثي والعشوائي الذي يتم به توجيه الدعوات، وهو ما يطرح السؤال الصفة التي خولت للمعنية الحضور لهذا الحدث الفني الذي شكل منذ سنوات عبأ على ميزانيات المجلس الجهوي والإقليمي والجماعي على اعتبار أنه لا ولم يقدم أي إضافة تذكر غير دعوة عامل الإقليم ورؤساء المؤسسات العمومية المانحة ل “التبناد” يومي الإفتتاح و الإختتام لا غير. فماذا قدم هذا المهرجان لمدينة مكناس طيلة 12 سنة مقابل ما استفاد منه سواء على المستوى المالي أو اللوجيستيكي؟ الجواب بالتأكيد سيكون لا شيء، بدليل أغلب سكان المدينة لا يعلمون له لا زمانا ولا مكانا، وهما عاملان كافيان لتقنع إدارة المهرجان نفسها وتقول، كفى من هدر المال العام بلا جدوى، كفى من مبادرة لم تحقق ما كان مأمولا بها طيلة 12 سنة الماضية. كفى من الإستخفاف بذكاء المكناسيين؟ كفى من “حلب البقرة”..
كان من باب الأولى بدل أن تخرج إدارة المهرجان لتفند ادعاءات الناشطة الفيسبوكية أن تقدم لها الشكر الجزيل على صنعها ومعروفها في الترويج للمهرجان بعد أن كان يفتتح في صمت ويختتم في سكون اللهم قصصات بعض المنابر المحسوبة على الإدارة ممن تقبل على نفسها بيع الوهم للرأي العام والترويج للوهم بأكل السحت. فما معنى أن تنظم مهرجان من دون بذل أدنى مجهود للترويج له؟ و”الفاهم يفهم”..
كما كان من باب الأولى على إدارة المهرجان أن تخرج على العموم ببيان توضح من خلاله رقم معاملاتها وحصيلة عملها خلال عقد من الزمن، مردود هذه المبادرة وانعكاسها على المدينة بصفة خاصة، وعلى الواقع الفني والدرامي بالمملكة عموما، بالمقابل على رؤساء المؤسسات العمومية المانحة كمجلس جهة فاس مكناس والمجلس الإقليمي ومجلس جماعة مكناس من باب مسؤوليتهم في الحفاظ على حسن تدبير المال العام، المطالبة بإقرار مالي للهيئة المنظمة لهذا المهرجان منذ تأسيسه إلى يومنا هذا من منطلق ربط المسؤولية بالمحاسبة حتى لا تترك الأمور على عواهنها، فهم غير محتاجين لنذكرهم بأن “المال السايب كيعلم مولاه السرقة”… يتبع.